ينفذ الأردن مشروعاً لاستخدام طاقة الرياح في محافظة الطفيلة (الواقعة في جنوب البلاد) تبلغ طاقته حوالى 117 ميغاواط، ويعمل على توليد 400 جيغاواط في الساعة سنوياً.
وستؤمّن شركة «مشروع رياح الأردن» التغذية اللازمة لشركة الكهرباء الأردنية مع منتصف عام 2015، موعد التشغيل التجاري للمشروع الذي تبلغ كلفته حوالى 285 مليون دولار.
ويذكر أن «شركة رياح الأردن» عبارة عن مشروع مشترك بين صندوق «إنفراميد» الذي يملك حصة 50 في المئة، وشركة «مصدر» الإماراتية في أبو ظبي التي تملك 31 في المئة، و «أي بي غلوبال إنرجي» التي تملك الحصة المتبقية. وتقدر كلفة إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بحوالى 120 دولاراً لكل ميغاواط/ ساعة، وهو سعر أدنى كثيراً من كلفة إنتاج الكهرباء التقليدية.
حصلت محطة الطفيلة على قروض بحوالى 221 مليون دولار لتمويل المشروع، من مؤسسة التمويل الدولية (الذراع الاستثمارية في القطاع الخاص لمجموعة البنك الدولي) وبنك الاستثمار الأوروبي، و «إكسبورت كريدت فند»، و «صندوق أوبك للتنمية الدولية» (أوفيد)، و «البنك العربي - الأوروبي»، و «كابيتال بنك» الأردني.
وتشكل مساهمة مؤسسات تمويل دولية مثل «أوفيد» ومؤسسة التمويل الدولية و «بنك الاستثمار الأوروبي»، ضماناً لشفافية المشروع في التعاقد وصرف النفقات اللازمة، إضافة إلى توفير القروض والالتزام بسياسات البيئة. كما أن هذه المؤسسات تمنح القروض على ضوء الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وتساعد هذه القواعد الاقتصادية في تلافي كثير من النقاش والتساؤلات الجارية حالياً في كثير من الدول العربية حول اقتصادات المشاريع والتأكد من صحة حوكمتها. يعتبر مشروع «محطة الطفيلة» الأول من نوعه في الأردن وفي المنطقة، والذي يستعمل طاقة الرياح، من جانب شركة خاصة. كما يشمل تركيب 38 مروحة هوائية (3 ميغاواط لكل مروحة).
وتتضمن استراتيجية قطاع الطاقة الأردنية أن تبلغ مساهمة الطاقة المتجددة 10 في المئة من مجمل سلة الطاقة في الأردن حتى عام 2020، ويتوقع أن تشكل حوال 8 إلى 10 في المئة من الطاقة الكهربائية المستهلكة في البلاد في ذلك العام.
كما ينتظر أن تنتج محطة الطفيلة كهرباء بأسعار أقل بنسبة 25 في المئة من أسعار الطاقة الحرارية، ما يساعد على خفض انبعاثات الكربون بحوالى 40 ألف طن سنوياً.
يجرى العمل الآن من جانب وزارة الطاقة والثروة المعدنية لإطلاق ثاني مشروع لطاقة الرياح في الأردن. فقد أحالت الوزارة الأسبوع الماضي عقداً على الشركة الإسبانية «إليكنور» لمشروع إنتاج كهرباء بطاقة الرياح في منطقة معان. وتشير المعلومات المتوافرة إلى أنه سيتم تنفيذ هذا المشروع من خلال برنامج المنح الخليجية - الصندوق الكويتي للتنمية. وهنا أيضاً، تمارس الصناديق العربية نظاماً للشفافية في إرساء العقود وطريقة صرف الأموال.
وتتعاون الصناديق في ما بينها للتأكد من تنفيذ المشاريع وفق أنظمة الحوكمة المطلوبة. ويذكر أن مشروع مصنع معان يعتمد نظام عقد المقاولة المسمى «تسليم المفتاح»، على أن يكون المشروع مملوكاً للحكومة. ويشتمل المشروع على تركيب 33 مروحة هوائية ينتج كل منها 2 ميغاواط. وسينتج المشروع حوالى 152 ميغاواط/ ساعة في السنة وتبلغ كلفته حوالى 112 مليون دولار. ويتوقع أن يبدأ إنتاجه التجاري في الربع الثالث من عام 2015.
يعتبر الأردن سياسة تبني الطاقات المتجددة أمراً اقتصادياً ضرورياً وملحاً، إذ يشكل استيراد الطاقة حالياً حوالى 90 في المئة من مجمل استهلاك البلاد لها. كما تستنفد قيمة الاستيراد أكثر من 40 في المئة من موازنة البلاد السنوية. وكما هي الحال في الدول العربية الأخرى التي تفتقد موارد طاقة محلية ضخمة، يواجه الأردن ردود فعل شعبية قوية وسلبية حول سياسة الدعم للمحروقات والكهرباء، بخاصة في حال تقليص الدعم، نظراً إلى النسبة العالية لهذه المصاريف في موازنة الأسر ذات الدخل المحدود.
وتشكل برامج الطاقة المتجددة خياراً مناسباً للأردن الذي يفتقر إلى الموارد الهيدروكربونية حتى الآن، إضافة إلى شح المياه وتوافر الرياح والطاقة الشمسية.
كما أن عمّان في حاجة ماسة إلى زيادة الطاقة الكهربائية للبلاد في المستقبل القريب. فعدد سكان المملكة الهاشمية يبلغ حوالى ستة ملايين، وتبلغ نسبة الزيادة السنوية للسكان حوالى 8 في المئة (وهي من النسب العالية جداً عالمياً).
ومطلوب من قطاع الكهرباء الأردني إضافة 1500 ميغاواط بحلول عام 2020، أو 40 في المئة من الطاقة المتوافرة حالياً.
ومن نافل القول أن تبنّي برامج الطاقة المتجددة لن يلبي مجمل الاستهلاك الطاقوي للبلد، ولكنها ستوفر له الاعتماد على نسبة معقولة من موارد طاقة محلية، إضافة إلى خفض كلفة استيرادها. فالطاقة المتجددة هي خطوة أولية لدعم الاقتصاد الوطني بموارد طاقة محلية وتقليص النفقات في الموازنة السنوية.
والأهم من ذلك، تأمين إمدادات طاقة كافية، كي لا تبقى البلاد تحت رحمة إمدادات طاقوية أجنبية غير مستقرة.
وكما هو معروف، عانى الأردن كثيراً من التوقف الذي حصل لإمدادات الغاز المصري عبر خط الغاز العربي، بسبب التفجيرات المستمرة لمحطة الضخ في العريش خلال السنوات الأخيرة.
نقلا عن الحياة