شركة الاستثمارات الصناعية (2 - 2)

03/08/2014 3
د. أنور أبو العلا

يجب أن تبدأ فوراً الجهات المستثمرة الثلاثة (أرامكو وسابك وصندوق الاستثمارات) في اتخاذ الإجراءات التفعيلية لتأسيس شركة الاستثمارات الصناعية، وأهم صفة يجب أن تتصف بها الشركة وجميع الشركات المتفرعة منها هي ان يكون عمالها مواطنين، وهذا يتطلب منذ الآن توجيه المسجلين في حافز الى دورات تدريب لإعدادهم للقيام بدور القوة العاملة لشركاتنا الصناعية القادمة.

الاعتراض الأول الذي قد يوجهه المستثمرون على هذا الاقتراح هو ان الاعتماد على اليد العاملة السعودية سيكون مرتفع التكاليف فتقل أو تختفي أرباح هذه الشركات.

هذه الحجة غير صحيحة بل العكس الأرباح الصافية ستكون أعلى سواء للحكومة او للاقتصاد القومي او حتى للمستثمرين (في حالة مشاركة القطاع الخاص إذا تم طرح أسهمها للجمهور).

الجميع سيسأل كيف تكون الأرباح أكبر اذا كان أجر العامل السعودي مثلا 60 ريالا في الساعة الواحدة. بينما أجر العامل المستقدم قد لا يزيد على 5 ريالات في الساعة الواحدة، اي ان اجر العامل السعودي الواحد سيساوي أجر 12 عاملا مستقدما؟

تعالوا نحسبها خطوة بخطوة:

أولا: فوراً سيتوفر للحكومة جميع التكاليف (تخبطات وزارة العمل) التي لا توجد إلا لدينا كالأموال الطائلة لحافز وإخوانه، ونصف الراتب للموارد، والمكافآت المالية (المثيرة للسخرية) لمن يحقق الحد الادنى لتوظيف السعوديين (واحد سعودي ثمن لاستقدام عشرة عمال سخرة) والمغريات الأخرى كالتوقيع على بياض لفتح باب الاستقدام على مصراعيه. إضافة الى تخفيض عدد حالات الضمان والقضاء على الفقر المدقع الدافع للخروج على المجتمع والاضطرار للتسول ومزاولة الاقتصاد الخفي بأنواعه.

ثانيا: عندما نقارن القيمة المضافة للناتج القومي لمشروع لا تتجاوز أرباحه 5 % (او حتى الصفر) مثلا لكن عماله مواطنون بالقيمة المضافة للناتج القومي لمشروع آخر تتجاوز ارباحه 50 % (او حتى أضعافها) مثلا، لكن عماله مستقدمون نجد ان القيمة المضافة للمشروع الأول اكثر من اضعاف القيمة المضافة للمشروع الثاني الذي قد تكون اضافته الحقيقية سالبة.

لن استطرد لإثبات هذه النتائج –رغم ان البيّنة على المدّعي– ولكن سأؤجّلها للتركيز الآن على التذكير بأن شركة الاستثمارات الصناعية وتوابعها أولى بإعطائها اهمية لا تقل إن لم تكن أكثر من أهمية الملاعب لأن الصناعة طريقنا الوحيد لتنويع مصادر الدخل (هذه العبارة منسوبة لخادم الحرمين –حفظه الله– على غلاف استراتيجتنا للصناعة) بينما الملاعب من غير إيجادنا لمصادر دخل بديلة عن إيرادات البترول (وهو ناضب) سيكون مصيرها عبئا على الاقتصاد الوطني ولن نجد دخلا للصرف على صيانتها والحفاظ عليها فيكون مصيرها –لا قدر الله– أطلالا تذروها الرياح.

إن إعداد القوة العاملة (أهم عنصر في عناصر الإنتاج) يحتاج لوقت والوقت يمر سريعاً وهذا يفرض على الجهات المستثمرة الثلاث المشاركة في تأسيس شركة الاستثمارات الصناعية أن تكشف لنا عن الخطوات التي اتخذتها حتى الآن كي نشعر أنها جادة وتطمئن قلوبنا ان مستقبل أجيالنا في أيد أمينة.

المطلوب الآن من الجهات المسؤولة عن النواحي الاقتصادية لدينا وهي كثيرة (لن تغلب اليوم من قلّة) كالمجلس الاقتصادي الأعلى، ووزارة التخطيط، ووكالة الصناعة، وأخيرا (وآخرا) لجنة اقتصاد مجلس الشورى أن تطالب وتتابع وتحث الجهات التنفيذية على تنويع مصادر الدخل عن طريق الإسراع بتأسيس شركة الاستثمارات الصناعية والتوسع في تأسيس أخوات لها.

نقلا عن الرياض