على مدى ما يزيد على عشر سنوات كتبت العديد من المقالات مطالباً مؤسسة النقد بوقف التحايل والتضليل الذي تمارسه البنوك بحق عملائها عند منحهم قروضاً شخصية، فهي توهمهم أنهم يقترضون بسعر فائدة ما بينما سعر الفائدة الحقيقي الذي يتحملونه يبلغ ضعف سعر الفائدة المعلن..
فسعر الفائدة المعلن يحسب الفائدة على كامل المبلغ لكامل مدة القرض والذي يكون حساباً صحيحاً لو أن العميل يسدد القرض دفعة واحدة بنهاية مدته لا عندما يسدده من خلال أقساط شهرية كما هو في واقع الأمر.
لذا أسعدني كثيراً نشر ضوابط التمويل الاستهلاكي الجديدة التي أعلنتها مؤسسة النقد الأسبوع الماضي والتي حددت موعداً أقصى لالتزام البنوك بهذه الضوابط وهو الـ16 من سبتمبر 2014..
ويبدو أن التغيير الذي حدث في قيادة المؤسسة كان له دور في تبني المؤسسة لدور رقابي أكثر توازناً بين البنوك والمستفيدين من خدماتها، حيث كانت المؤسسة تظهر دوماً تفضيلاً واضحاً لمصالح البنوك، الأمر الذي يؤكد أهمية التغيير في قيادات الأجهزة الحكومية العليا بشكل دوري وبكفاءات من خارجها، كونه يحرك المياه الراكدة ويبث حياة جديدة في أجهزة قد تكون تبلدت وغدت شديدة المقاومة للتغيير والتطوير.
والحقيقة أن ضوابط التمويل الاستهلاكي لم تكتف فقط بإلزام البنوك بأن يكون سعر الفائدة المعلن محتسباً باستخدام طريقة الرصيد المتناقص، أي ألا تحتسب الفائدة إلا على ما يتبقى من القرض، وإنما أيضاً ألزمت البنوك بأن يشتمل سعر الفائدة المحتسب كل التكاليف الأخرى التي يتحملها المقترض، كالرسوم والعمولات وتكاليف العمليات الإدارية والتأمين، بالتالي سيصبح سعر الفائدة المعلن من البنوك بعد التزامها بتنفيذ هذه الضوابط يمثل التكلفة الحقيقية التي يتحملها المقترض بشكل دقيق وشفاف وبعيد عن أساليب التحايل والتضليل التي مارستها البنوك على مدى عقود دون رادع من مؤسسة النقد.
إلا أن لدي ملاحظتين هامتين:
الأولى: نصت هذه الضوابط أنها لا تنطبق على التمويل العقاري والتأجير التمويلي، وحيث إن اتفاقيات التمويل التي تفرضها البنوك على هذين النوعين من التمويل تمارس فيهما البنوك نفس أسلوب التحايل والتضليل فيما يتعلق باحتساب سعر الفائدة، فإني آمل أن تقوم المؤسسة بوضع ضوابط لهذين التمويلين تضمن احتساب سعر الفائدة بنفس الطريقة التي سيحتسب بها في القروض الاستهلاكية.
الثانية: أن هناك إشكالية أخرى مهمة فيما يتعلق بالقروض الشخصية وهي رهن البنوك لرواتب المقترضين والذي أنهى تماماً أي مخاطر مرتبطة بالإقراض الشخصي على البنوك بالتالي تسبب في توسعها فيه بشكل مبالغ فيه، ما ألحق بالغ الضرر بأفراد المجتمع لما نتج عنه من نمو هائل غير مبرر في القروض الشخصية الاستهلاكية، بحيث أصبحت تشكل عبئاً مالياً كبيراً على معظم أفراد المجتمع.
من ثم فإن هناك حاجة وضرورة لقيام مؤسسة النقد بحماية المتعاملين مع البنوك من أن يكونوا تحت إغراء مبالغ فيه للاقتراض الاستهلاكي غير الضروري وكذا كبح رغبة البنوك الجامحة في التوسع في الإقراض الشخصي بجعلها شريكاً في مخاطر الإقراض الشخصي كما يجب أن تكون، وذلك بمنع جهات التوظيف من إصدار خطابات تضمن بموجبها تحويل راتب الموظف إلى البنك، تضطر معه البنوك للمطالبة بضمانات أخرى للقروض الاستهلاكية، ينتج عنها بالضرورة مخاطر أعلى على البنوك، ما يحد من لهفها الشديد على الإقراض الشخصي كما يحمي أفراد المجتمع من إغراء الاقتراض الاستهلاكي، فالكثير منهم قد لا يدرك تكلفته الحقيقية وتأثيره السلبي على مستوى معيشتهم لسنوات عديدة قادمة قد تطول كثيراً بسبب إغراءات البنوك لهم بإعادة التمويل، ما يبقيهم في دائرة مغلقة من الدين والعوز المالي الذي لا ينتهي.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
اتفق مع الكاتب الدكتور عبدالرحمن في ماذكره ، واعلق على النقطة الاخيرة حول سهولة حصول الافراد على قروض من البنوك برهن رواتبهم، وان ذلك يوقعهم في اغراءات القروض الاستهلاكية المستمرة. وهذا اتفق معه ايضا، ولكن ذلك قد يوقع الافراد المحتاجين في قبضة قروض التقسيط (سيارات، صابون، بطاقات .. الخ) التي تكلف اضعاف فوائد البنوك.
لكن المؤسسة لم تلزم البنوك بنسبة فوائد محددة ولم تحدد معيار يتكئ عليه كل من يريد الاستفادة من التمويل
د عبدالرحمن السلطان ... شكرا لك ... الله يكتب لك الاجر ... القروض العقاريه يبيلها 10 سنوات ثانيه عشان يغيرون الوضع ....
الؤسسة لم تتحرك الا بسبب الخشية من الامتناع عن السداد عند حدوث ازمة لان المقترض يشعر بالغبن وعند ذلك تتكرر ازمة الرهن ويحد ث انكماش مع تضخم مزمن
مسألة رهن الرواتب فيه حماية لاموال المودعين وتأكيد الترام المقترض بالسداد وهو افضل لتلافي المماطلة والتهرب من السداد
يادكتور لايسمعك اللى يدافع عن البنوك ويرفع الضغط فى كل مقابله فى التلفزيون واظن انك تعرف من هو
من المفترض أن يطالب الكاتب بخفض الفائدة على القروش المضمونة بتحويل الراتب إلى أدنى حدّ مقابل إنخفاض مخاطرة البنك. و ليس من المصلحة التضييق على هذا النوع من القروض لكن تستطيع المؤسسة و غيرها تثقيف الناس بمخاطر الديون.
الفائدة المتناقصة مجرد ذر رماد في العيون وأستغرب إن الكاتب لا يعلم أن لا تأثير لها على تكلفة القرض!
معلوم ان الفائدة المتناقصه لن تقلل نسبة الفائدة ، ولكنها بي المقابل ستلغي خداع البنوك وتضليلهم وتظهر فائدة القرض الحقيقة بكل شفافية ، مما يزيد من التنافس .. مثلا بنك يعطيك نسبة 1% ورسوم ادارية 5000 ريال.. وهذا خداع.. ولكن بالطريقه الجديده ، يجب الافصاح عن التكلفه التناقصيه الفعليه متضمنة جميع الرسوم..