إذا كان الريال عملة غير قابلة للتعويم، كما أنه من غير المناسب ربطه بسلة عملات في ظل الوضع غير المستقر الذي تمر به معظم العملات الرئيسة في العالم، إذاً ماذا عن رفع قيمة الريال أمام الدولار بتخفيض سعر صرفه ليصبح مثلاً 3.2 ريال للدولار بدلاً من سعر صرفه الحالي البالغ 3.75 ريال للدولار؟ نظرياً يمكن أن يترتب على رفع قيمة الريال نتائج إيجابية منها التالية:
1 - اعتمادنا شبه الكامل على السلع المستوردة يعني أن رفع قيمة الريال يفترض أن ينتج عنه انخفاض في أسعار هذه السلع في السوق المحلية، ما يسهم في تخفيض معدلات التضخم ورفع مستويات المعيشة.
2 - اعتماد جزء كبير من السع المنتجة محلياً على مكونات إنتاج أجنبية، أي اعتمادها على سلع أولية ومتوسطة مستوردة، يعني أن تخفيض سعر صرف الريال سيقلل من تكاليف إنتاج هذه السلع ما يزيد من قدرتها التنافسية في السوق المحلية والعالمية، كما سيخفض أسعارها محلياً بما يسهم في تخفيض معدلات التضخم.
3 - سيحد من مطالبة العمالة الأجنبية بزيادة أجورها مع تحسن دخولها مقوّمة بعملات بلدانها مع ارتفاع قيمة الريال أمام تلك العملات، ما يقلل من ضغوط ارتفاع تكاليف الإنتاج محلياً وخفض معدلات التضخم.
4 - إنه خيار مفضل على زيادة رواتب موظفي الحكومة، باعتبار أن لرفع قيمة الريال تأثيراً شاملاً على كافة شرائح المجتمع، بينما زيادة الرواتب يستفيد منها فقط موظفو القطاع العام أما غيرهم فقد يتأثرون سلباً من ذلك لما قد يترتب على تلك الزيادات من ارتفاع إضافي في معدلات التضخم.
5 - إن هناك سابقة لذلك، فالمملكة في سبعينيات القرن الماضي وأمام وضع مماثل قامت برفع قيمة الريال أمام الدولار في عام 1971، كما رفعت قيمته مرتين في عام 1973، بل إنها قررت في عام 1975 فك ارتباط الريال بالدولار وربطه بحقوق السحب الخاصة، أي بسلة عملات، واستمر الوضع كذلك إلى أن أُعيد ربط الريال بالدولار من جديد في عام 1986، بتثبيته عند سعر صرفه الحالي البالغ 3,75 ريال للدولار. في المقابل، هناك تأثيرات سلبية لرفع قيمة الريال أهمها التالية:
1 - رفع قيمة الريال له تأثير مالي سلبي على الدولة، باعتبار أن معظم استثماراتها الخارجية في أصول دولاريه، من ثم سيترتب على رفع قيمة الريال تخفيض لقيمة هذه الاستثمارات عند تقييمها بالريال.
2 - إنه يمثّل ارتفاعاً حقيقياً في حجم الإنفاق الحكومي وتخفيضاً في الإيرادات الحكومية النفطية، ما يتسبب في ظهور عجز في الميزانية العامة للدولة وتسريع بدء استهلاكنا لفوائضنا المالية.
3 - يترتب عليه ارتفاع في تحويلات العمالة الأجنبية إلى بلدانها مقومة بالدولار ما يسهم في زيادة استنزاف هذه التحويلات لاقتصاد المملكة.
4 - سيتسبب في الحد من قدرة السلع السعودية على المنافسة في الأسواق الخارجية مع ارتفاع أسعارها تبعاً لرفع قيمة الريال أمام عملات البلدان المستوردة لها، ما يزيد من حدة معاناة اقتصادنا من المرض الهولندي ويضعف من إمكانية نجاح جهود تنويع القاعدة الإنتاجية.
أمام هذ التضارب، أي وجهتي النظر أقرب إلى الواقعية في ظل المعطيات الحالية للاقتصاد السعودي؟ من الواضح أن أبرز مبررات تخفيض سعر صرف الريال هو المساهمة المتوقعة لذلك في تخفيض معدلات التضخم ورفع مستويات المعيشة، إلا أن هذا توقُّع قد لا يكون في محله..
فارتفاع قيمة الدولار أمام عدد من العملات العالمية، كالين الياباني مثلاً، خلال الفترة الماضية لم يترتب عليه أي انخفاض في أسعار السلع المستوردة، فالسلع اليابانية على سبيل المثال لم تحافظ فقط على أسعارها السابقة بل قد تكون حتى ارتفعت رغم انخفاض قيمة الين، ما يعني أن مكاسب ارتفاع الدولار جيّرت بالكامل لصالح هوامش ربح المستوردين والتجار، وبالتالي ليس هناك أي مبرر لافتراض وضع مختلف في حال رفع قيمة الريال أمام الدولار.
هذه الحقيقة مردها إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في المملكة ناتج عن النمو الكبير المستمر في معدلات الإنفاق الحكومي والذي ترتب عليه بالضرورة نمو قوي في الطلب على السلع والخدمات سمح للمستوردين والتجار رفع أسعارهم دون أن يترتب عليه إضعاف لقدرتهم على تسويقها في ظل هذا النمو المتسارع في الطلب، بالتالي حتى وإن رفعت قيمة الريال فلن يجدوا أنفسهم مضطرين لتخفيض أسعارهم وسيحتفظون بمعظم الفرق زيادة في هوامشهم الربحية.
في المقابل، التأثيرات السلبية المتوقعة نتيجة رفع قيمة الريال مؤكدة الحدوث، حيث سيكون لذلك تأثير سلبي حقيقي على الوضع المالي للدولة، وهذا لا يمكن أن يكون مبرراً ولا مقبولاً في ظل محدودية أو حتى غياب المكاسب المتوقع تحقيقها من ذلك.
بالتالي فحل مشكلة التضخم لا يمكن أن يكون مبرراً لتحفيض سعر صرف الريال فهو لن يجدي في حل هذه المشكلة، والحل الحقيقي لمشكلة التضخم هو في تبني وتنفيذ سياسات اقتصادية كلية شاملة تسهم في حل مجمل مشكلاتنا الاقتصادية لا حل مشكلة التضخم وحدها، والمحير ألا نمتلك مثل هذه السياسات رغم كل ما ننعم به من فوائض مالية يفترض أنها تجعل كل ذلك ممكناً.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
1- غير صحيح ان استثمارات الدولة بالخارج ستنخفض قيمتها بالريال. فالريال قوته الشرائية بتكون اكبر والانخفاض بيكون "رقمي" فقط. 2- اللي بيرفع الانفاق وربما يتسبب بعجز حكومي, هو رفع الرواتب. اما دخل الحكومة بالريال فلن يقل الا رقما لأن القوة الشرائية (أي القيمة الحقيقية) للريال بتكون اقوى. 3- مرة اخرى, الريال بعد تعديل سعره بيكون اقوى, ولن يكون لتحويلات العمالة اثر سلبي. 4- أي سلع سعودية؟ حتى البترويكماويات تباع بالدولار وليس الريال. ختاما بتأجيل الموضوع نحفر لأنفسنا حفرة وكل ما لها وتعمق ويكون الخروج منها متعب بعدين. الأفضل اتخاذ القرار الآن.
البعض بسبب تصوره الخاطئ... يتخوف من سلبيات غير صحيحة لتعديل سعر الصرف, ويتجاهل ايجابيات اكيدة بالمستقبل (باذن الله) ... ... بينما السلبيات متحققة قدام عيونه الآن ولا يخاف منها. لكنه "الخوف من المجهول" .. فالانسان عدو ما جهل ولو كان عند الشخص الرؤية واضحة والفهم بتمكن متحقق لما خاف. عدم الثقة يجعل الشخص يميل لرفض أي تغيير (خاصة الكبار بالسن)... وبعد رفضه للتغيير... يروح يبحث عن الاسباب! فالموضوع ليس فقط بالتلفزيونات والجوالات والدشوش الخ بل النظرة تمتد الى الاقتصاد وجميع مناحي الحياة :)
الآثار الإيجابية أكثر من السلبية؛ وننتظر من الكاتب طرح اقتراحاته عن السياسات الاقتصادية الكلية الشاملة التي ستسهم في حل مجمل مشكلاتنا الاقتصادية!
اذكر قرأت له انه يرى السبب الوحيد للتضخم هو الانفاق الحكومي وانه اذا خلصت المشاريع ورجع الانفاق لمستويات طبيعية الامور بترجع طبيعية. ما حط أي اعتبار لانخفاض قيمة العملة وكأن انخفاض قيمتها ليس له تأثير نهائيا. باختصار اقتراحه "ابقاء الأمر على ما هو عليه"
كلام في الصميم الريال ليس هذا قيمتة الحقيقية وحل لمعضم المشاكل الاقتصادية في الداخل وحتى لو حصل اي أزمة مالية في المستقبل لا سمح الله سوف يكون هناك حل بيد الحكومة في التقليل من قيمة الريال مقابل الدولار
الحل الحقيقي لمشكلة التضخم هو في تبني وتنفيذ سياسات اقتصادية كلية شاملة تسهم في حل مجمل مشكلاتنا الاقتصادية لا حل مشكلة التضخم وحدها، والمحير ألا نمتلك مثل هذه السياسات رغم كل ما ننعم به من فوائض مالية يفترض أنها تجعل كل ذلك ممكناً. هذا الاقتباس أعلاه من كلام الكاتب ... كلام عام لا يقدم اي حل حقيقي ... ويبقى السؤال مطروحا ومعلقا فوق الرؤوس : ماهو الحل ؟! التضخم وضعف الدخول عاش بسببه المواطن في ضيقه وشده لا يعلم مداها الا الله ... الدوله ما شاء الله لا قوة الا بالله تتضخم دخولها سنه بعد اخرى ولكن هذا لا ينعكس مع الأسف على حياة المواطن العادي !!
يسلم قلمك يا دكتور وبلغه يفهمها حتى الغبي وضحت بشكل قاطع أن رفع قيمة الريال امام الدولار مضاره أكبر بكثير من منافعه. والفضل أيضا ينسب لأهله .... شكرا حكومتنا الرشيده. الباقي هو ايجاد حلول شامله كما ذكر المقال.
لازلنا نقرأ مقالات مكررة غير مبنية علي دراسات اقتصادية و رؤية بعيدة تحفز اقتصادنا وكأنك مكانك سر 1$ = 3.75SAR
شكرا يادكتور على مقالك الواضح ,., أعتقد ان الوقت الحالي غير مناسب على الاطلاق في فك ربط الريال بالدولار ,, لعدة اسباب من اهمها والتي لم يتطرق لها الكاتب , ان الدولار حاليا في مناطق منخفضة وكان الاجدى في مثل ذلك ان يكون فك الارتباط بعد حرب العراق ابان ارتفاع قيمة العملة الامريكية حتى لانتكبد تراجعاتها ونعاني من تراجع قيمة الريال الشرائيه , والدولار الان في مناطق منخفضة جداً وهو قابل للارتفاع اكثر من اي وقت مضى بالتالي هذا الامر يساعد على تحسن قيمة الريال الشرائيه وعلى قيمة الحوالات الاجنبية , كذلك يعزز من انخفاض الذهب الذي يسهل من مهمة اقتناءه في الاحتياطي او في تغطية النقود .
مسألة الحلول الحالية في فك الارتباط بالدولار لااعتقد انها الاهم , كما اشار الكاتب , المهم هو العمل على تعزيز القوة الشرائية ومعالجة التضخم ليس من خلال الزيادات انما من خلال التسهيلات والخدمات الحكومية مثلا التعرفة الكهربائية او الرسوم الحكومية المتنوعة وتخفيف الاجراءات المعقدة في قطاع الاعمال وتعزيز دور الانفاق على الحاجات الاساسية كمشاريع الاسكان والنقل التي تمس احتياجات المواطن وتخلق الفرص التجارية المبتكره التي تعمل على دعم الاقتصاد وتقليل البطاله ,,., والدولة رعاها الله تسير في هذا الاتجاه ولكن بوتيره بطيئة وان بدت متسارعة في الفترة الاخيرة الا ان الطموحات اكبر ... والله الموفق
في عام 1998م وأثناء أزمة ( النمور الآسيوية ) إنخفضت أسعار البــترول إلى أقل من 10$ وكانت الحكومة تعاني عجـــزاً ... بينما الآن ... أسعــار البترول أكثر من 100$ والحكــومة لذيها فـــوائض لم تصل إليها في يوم من الأيــام ... وســـعر صرف $/ الريال مكانك راااااوح !؟!؟!؟
رفـــعوااا الفائدة /$ رفـــعنااااهااا على الريال .... نزلــوااا الفائدة على $ نــزلناهاااا ( حتى ) لو كانت المشـــاكل ( مختـــلفة ) وتحـــتاااج إلى حـــلووول مختـــلفة ؟!