كيف تضيف المنشآت الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد في الدول (1 - 2)

07/07/2014 1
م. برجس حمود البرجس

المنشآت الصغيرة والمتوسطة في جميع بلدان العالم محرك اقتصادي أساسي؛ حيث إن الغالبية العظمى من الأعمال تنتج من هذه المنشآت، وهي الموّظِف الأكبر للكوادر البشرية; ولذلك تجد الاهتمام الكبير والتعويل على هذه المنشآت في بناء اقتصادات الدول وتجدها دائما في مقدمة أجندات الاجتماعات الرسمية والمؤتمرات؛ بل إن إدارة الأعمال والاقتصاد أوجدت تخصصا منفردا باقتصاد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في دراسات مراحل الماجستير والدكتوراه.

إضافة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في جميع بلدان العالم بأنواع اقتصاداتها تكمن في خلق الفرص الوظيفية وإنتاج السلع والخدمات، فالموظفون يستفيدون من الرواتب بشراء «حاجيات وخدمات» وبالتالي تتحول تلك النقود إلى «تدفق نقدي» في الأعمال والتجارة المحلية.

هذه الإضافة ضرورية ويجب دعمها من قبل الدول لتحرك الاقتصاد أكثر; طبعا هذه الإضافة تنطبق أيضاً على الاقتصاد الريعي مثل المملكة العربية السعودية. ولكن هذه الإضافة ليست إلا جزء بسيط من أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وفي جميع الأحوال، يجب أن تجد المنشآت الصغيرة والمتوسطة الدعم في المملكة فهي محرك أساسي للاقتصاد، ولكنها ليست مصدر دخل للخزينة الحكومية كما هو معوّل عليها، ولن تكون مصدر دخل للحكومة كبديل أو موازٍ للنفط بوضعها الحالي.

وقبل الخوض في فائدة هذا القطاع للدول، يجب أن أوضح أن الهدف التنبيه وعدم التعويل على «المنشآت الصغيرة والمتوسطة» بأنها المنقذ القادم والوقوف عندها وعدم بناء الاقتصاد الملائم، أيضا أوضح أن نفس الكلام ينطبق على المنشآت الكبيرة والعملاقة ولكنها خارج نطاق التعويل، وفي المقابل يجب دعم هذه المنشآت ومساندتها لكي توازي مثيلاتها في الدول الأخرى.

أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة خير مثال لجدوى هذا القطاع; فـ 99.7% من جميع الشركات في الولايات المتحدة من هذا القطاع، و 97% من صادرات الولايات المتحدة أيضا من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وقيمة هذه الصادرات 435 مليار دولار (29% من قيمة الصادرات)، والمعروف أن صادرات أمريكا ليست مواد بسيطة واستهلاكية.

أما بالنسبة لعدد الموظفين، فاليابان خير مثال لخلق الفرص الوظيفية فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة توظف 84% من القوى العاملة باليابان والتي أيضا تساند الصناعات المتقدمة والكبيرة.

تحضن المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة 39% من العلماء والمهندسين وتقنية المعلومات والتكنولوجيا وبقية التقنيين، ويبلغ حصة هذا القطاع من «براءة الاختراع لكل موظف» 14 ضعف العدد في الشركات الكبيرة والعملاقة، وهذا هو العضو الفعال في الابتكارات والاختراعات في الولايات المتحدة.

ويبقى العنصر الأهم لدخل الدولة وهو الضرائب، حيث إن أكثر من 89% من دخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية من الضرائب والبالغ قيمته 2.2 تريليون دولار، منها 924 مليار دولار من ضرائب سلع وخدمات الأفراد، 880 مليار دولار من ضرائب الرواتب، 198 مليار دولار من ضرائب الشركات، والبقية دخل من ضرائب أخرى وجمارك وعوائد استثمارات وحقوق.

ولاشك أن الغالبية العظمى لهذه الضرائب والأعمال من الشركات الصغيرة والمتوسطة كما سبق شرحه.

أخيرا، وبعد ذكر أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة للدول الأخرى، يجب أن لا نتوقف عن بناء الاقتصاد التنموي المستدام في المملكة والذي يخدم جميع الإستراتيجيات من ضمنها الوظائف المجدية والتنويع بعيدا عن النفط (كموازي وليس بديل)، ويجب أن نتوقف عن التعويل والوعود بأهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة كحلول متكاملة أو ذات أهمية أكثر مما هي عليه الآن.

وهذا لا يعني عدم دعمها كما هي بل يجب مساندتها نظاميا وماليا لتنمو وتتطور.

وفي المقال القادم، سأذكر الاتجاه الذي قد يخدم تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة.

نقلا عن الجزيرة