المنشآت الصغيرة تحتاج الى دعم للنمو والتوسع بما انها العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وتطبيق السياسات عليها يجب أن تكون نتائجه مدروسة على المديين القريب والبعيد،
ولا يختلف اثنان على أن المنشآت الصغيرة هي أحد الحلول الرئيسية لقضية البطالة وذلك بتشجيع تأسيسها (التوظيف الذاتي لملاكها) وليس باستخدامها فقط كغاية أساسية (مباشرة) لتوظيف (جميع) الباحثين عن العمل وتوسيع القاعدة الوظيفية في هيكلة سوق العمل من خلالها (خلق وظائف جديدة) لأن أغلب تلك المنشآت لا تستوعب رفع التكاليف التشغيلية والتي أدت الى خروج العديد منها من السوق خلال الفترة السابقة بعد فرض نسب سعودة عليها وزيادة رسوم رخص العمل الى 2400 ريال سنويا، ومن المؤسف أن النظرة السابقة كانت بالتوجه الى الدفع بأكبر عدد ممكن من الباحثين عن العمل لتوظيفهم في تلك المنشآت والتي يصعب استحداث العديد من الوظائف فيها بما أن أكثر من 90% من وظائفها تعتبر متدنية الأجر ولن تضيف أي قيمة للتراكم المعرفي داخل سوق العمل السعودي والذي ما زلنا نواجه صعوبات في تحسينه ورفع معدلاته لتطبيق المعنى الصحيح للسعودة.
نسبة كبيرة من ملاك المنشآت الصغيرة وخصوصاً التي يقل عدد عمالتها عن 9 عاملين عانوا من عدم تكيف أعمالهم مع العديد من برامج وزارة العمل الأخيرة، ونتيجة لذلك عافى العديد منهم التوجه الى العمل الحر وفضلوا البقاء على كرسي الوظيفة مما تسبب في تكدس وصعوبة في استحداث قنوات توظيف جديدة للباحثين عن العمل والذين تتزايد أعدادهم بمعدلات ليست بقليلة، فشرط توظيف السعوديين في تلك المنشآت ليس بالسهل ولا يتحمله صاحب المنشأة منفردا، فهناك قضية أكبر وهي ثقافة مجتمع والتي يصعب تغييرها في يوم وليلة.
موافقة مجلس الوزراء في جلسته الماضية على إعفاء المنشآت الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد عمالتها على 9 عمال من دفع المقابل المالي 2400 ريال سنوياً عن أربعة عمال وافدين وذلك في حال تفرغ مالكها للعمل فيها دليل على اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بقطاع الأعمال واقتناع بأهمية تلك المنشآت صغيرة الحجم في دفع (عجلة الاقتصاد) للنمو، وحينما نتكلم عن النمو الاقتصادي يجب عدم حصر النمو بزيادة الأرباح ونتغافل عن الحلول الاقتصادية الأخرى كقضية مثل قضية البطالة وتأثيرها على الاقتصاد المحلي، وهذا القرار (سيزيد) من فاعلية تلك المنشآت وستلعب دوراً مهماً في توجه العديد من الباحثين عن العمل الى تأسيسها بعد تخفيف الأعباء المالية عنها، حيث ان ما يقارب 84% من تلك المنشآت يعمل فيها اقل من 4 عمال حسب احدى الإحصائيات، ويختلف العديد حول محدودية هذا القرار واشتراطاته حيث انها تشمل 4 عمال فقط من مجموع العمالة في المنشأة وشرط تفرغ المالك لإدارة المنشأة، ولكن من المهم أن نرى الفائدة من تطبيق هذا القرار على المدى البعيد وهو المساهمة في (التوظيف الذاتي لملاكها) مما يعني تقليل نسب البطالة مستقبلا، وزيادة التثقيف بعدم الاعتماد على التوظيف عند الغير (فقط)، وأيضاً التفكير بمصدر دعم صندوق الموارد البشرية للموظفين السعوديين، وأنا على ثقة بأن هذا القرار ما هو إلا بداية لعدة قرارات سوف تتبعه لدعم المنشآت الصغيرة مستقبلا، وأهمها إعادة النظر في نسب السعودة وفترة إنهاء الإجراءات الحكومية عند التأسيس وقنوات الدعم المالي.
اذا حصر التفكير داخل الصندوق فلن نتطور، وهذا القرار سيستفيد منه العديد من أصحاب المنشآت الصغيرة التي يقل عدد عمالتها عن 9 عمال إضافة الى الهدف الرئيسي على المدى البعيد وهو (التوظيف الذاتي لملاكها) كأحد الحلول للبطالة، ولا يعني ذلك أن نقف عن دعم المنشآت الصغيرة التي لم يشملها القرار.
نقلا عن اليوم