تمر المنطقة العربية بمنعطف خطير وهام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ولم يحسم مصيره بعد سواء على الصعيد الاقليمي او على الصعيد الداخلي بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
لذا حكومة خادم الحرمين بالتعاون مع القطاع الخاص والجامعات مطالبة باستحداث مراكز أبحاث ودراسات فكرية في شتى المجالات الساخنة والحساسة على مستوى عال وجلب أفضل الكوادر المحلية والأجنبية المتخصصين في المنطقة لمحاولة استقراء المستقبل وتجنب الوقوع في مآزق سياسية واقتصادية واجتماعية وطرح آراء وتحليلات وتوصيات.
تؤدي أبحاث السياسات العامّة والدراسات الفكرية دوراً حيوياً في المجالات السياسية على الصعيديْن المحليّ والإقليمي، في العديد من الدول. وتتمثل الوظيفة الأساسية لمراكز الأبحاث بمساعدة الحكومات في تكوين فهم شامل ومتعمق للقضايا الداخلية والدولية التي تهمّ هذه الحكومات، بالإضافة إلى تحديد الخيارات على أسس مستنيرة. وتمثّل مراكز الأبحاث مجموعة متنوّعة من المؤسسات التي تتفاوت من حيث الحجم والتمويل والهياكل ونطاق العمل.
ويوجد حالياً أكثر من 1,600 مركز أبحاث في الولايات المتحدة وينتسب نصفها تقريباً إلى جامعات بعينها، بينما يقع حوالي ثلثها في واشنطن العاصمة. ومن خلال دورها كامتداد لحكومات بلدانها، في الغالب، تصبح مراكز الأبحاث جزءاً لا يتجزأ من العملية السياسة.
وسبق للفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون ان قال في كتابه «الجمهورية»: «لا يمكن أن يكون هناك حكم رشيد حتى يصبح الفلاسفة ملوكاً والملوك فلاسفة».
وتؤمن المدرسة ذات التوجه الأكاديمي بأنّه ينبغي على مراكز الأبحاث أن تلتزم بمعايير البحث الأكاديمي مع التركيز على الصورة الكبيرة والقضايا بعيدة المدى؛ بينما تؤمن المدرسة ذات التوجه السياسي بأنّه ينبغي على مراكز الأبحاث أن تكون أكثر نزوعاً نحو السياسة؛ وبالتالي، ينبغي عليها أن تركّز بصورة أكبر على احتياجات صنّاع السياسة والقضايا السياسية الراهنة. وبغضّ النظر عن المدرسة التي يختارها المرء، فإن الحقيقة الثابتة هي أنّ مراكز الأبحاث ضرورية.
ويكاد لا يوجد في المملكة أي مركز للأبحاث. وبخصوص قضايا السياسة الخارجية، أكاد لا أتذكّر أي مركز باستثناء مركز الخليج للأبحاث.
وتحتاج المملكة إلى امتلاك مراكز أبحاث خاصة بها لكي تُطلع العالم على طريقة تفكيرها. وبخصوص الشؤون السياسية والاقتصادية. لا يوجد في المملكة مركز للأبحاث يُعنى بالتحديات الاقتصادية المحليّة أو بالقضايا الاقتصادية والمالية الإقليمية والدولية!!.
يُعدُّ المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية في بوسطن نموذجاً جيداً يُحتذى به؛ لكن إنشاء مكتب مماثل ليس امراً سهلاً.
ولطالما أدهشني شحّ الأبحاث الاقتصادية حول أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعضو المنطقة الوحيد في مجموعة الدول العشرين، المملكة العربية السعودية. كما أن الأبحاث الأولّية حول اقتصاد المملكة تُجريها بضعة بنوك محليّة فقط. وهذا أحد أسباب وجود العديد من المستشارين الأجانب في الوزارات والمؤسسات الحكومية.
يمثل مركز الملك عبدالله لدراسات البحوث البترولية -الذي يركز على أبحاث اقتصادات وسياسات وتقنيات الطاقة والبيئة وتأثّرها بجميع أنواع الطاقة محلياً وإقليمياً ودولياً- يمثّل بداية جيدة، خصوصاً أنه يمتلك أصولاً ضخمة تبلغ حوالي 15 مليار ريال سعودي، بالمقارنة مع صافي أصول مراكز الأبحاث الأمريكية مجتمعةً وقدره ثمانية مليارات ريال سعودي.
إن تمويل أي مركز للأبحاث ليس مستحيلاً بالنسبة للسعودية. ففي الولايات المتحدة، يبلغ متوسط الميزانية السنوية لمركز الأبحاث حوالي 87 مليون ريال سعودي. تمثّل مؤسسة راند RAND (ذات العلاقات الوثيقة مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية) أكبر مركز أمريكي للأبحاث الأمنية والسياسية بلا منازع. إذ يبلغ حجمها أكثر من 35 ضعف حجم مراكز الأبحاث الأمريكية الصغيرة، وتسعة أضعاف حجم مراكز الأبحاث المتوسطة.
ومع أن تمويل مراكز الأبحاث البريطانية ليس شفّافاً، إلا أن مركز تشاتام هاوس البريطاني يبدو الأكبر في البلاد من حيث صافي الأصول الذي يبلغ 53 مليون ريال سعودي. وهذا المبلغ أقل من 5% من صافي أصول معهد بروكينغز الأمريكي.
وإذا كانت المملكة تريد الاضطلاع بدور إقليمي وعالمي فاعل، فإن إنشاء مراكز أبحاث أمرٌ ضروري ولا مفر منه. إذ لا توجد آراء حول اتجاه الدور السياسي للبلد او الاقتصادي ولا يوجد تأثير في الساحة الدولية من جانب مراكز الأبحاث السعودية.
وهناك كتب عدّة حول المملكة من إعداد مراكز أبحاث دولية، بينما لا يوجد أي عمل بحثي محلي لدحض ادّعاءات هذه المراكز بحدوث انهيار وشيك للبلاد، على سبيل المثال. وتستطيع مراكز الأبحاث أن تكون امتداداً مهماً للحكومة. وإلى حين تحقيق ذلك، ستعتمد المملكة وصنّاع سياستها على العديد من المستشارين الأجانب أو ستلتزم الصمت.
إن إنتاج المعرفة مكلف. لكن الاضطلاع بدور قيادي يستلزم امتلاك المعرفة الشاملة والمتعمقة حول مختلف القضايا التي تهم البلاد.
اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد.
نقلا عن اليوم
موضوع مميز وله رؤيا تستحق الاحترام والتقدير ،،، سهل حجازي
مايحمله المقال من مضامين لا تستطيع معدة واقعنا هضمه والذي لايفهم انصحه بقراءة نهر الجنون لتوفيق الحكيم واهنئ احبابي القراء بقرب حلول شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران واوصيكم ونفسي بالارامل والايتام
ابدأ من حيث انتهى الآخرون ، وادرس قصص النجاح التي تحققت في تلك الدول ، وحاول الاستفادة منها بما يتناسب مع وضعك بمختلف أبعاده
لفتت نظري خاتمة المقال :)
موضوع مهم جدير بالنقاش .. ولايمثل رؤيا فقط ..
لا اعتقد ان السياسة العامة للدولة تمشي بلا هدى وما قد نراه عشوائي هو مقصود فالاهداف والمعطيات اللتي تبنى عليها الخطط بما في ذلك (الخطوط الحمر) لصانع القرار ترسم المنهج الاستراتيجي وهناك اجهزة معنية بكل ذلك لكن اختلاف الوضع السياسي وشكل النظام بين السعودية وامريكا(على سبيل المثال) لا يتيح وجود مراكز ابحات سياسية حرة خارج سلطة الدولة اما مركز الخليج للدراسات فله وضع مختلف.
عزيزي جون انت رائع ...
من يصدق أن د. جون هو من يكتب هذه المقالات النارية ؟!
د. جون لقد أسمعت لو ناديت حيا !!!!!!! الامور ماشيه بالبركه ,,, يوجد في ثقافتنا المحليه مثال يردده كبار السن وهو ( الشيوخ أبخص )