معذرة وأرجو ألا يعتبر هذا المقال انتقاداً وإنما هو فقط وجهة نظر مواطن متخصص (مسؤول علمياً عن كل ما يقوله) تختلف وجهة نظره عن وجهة نظر معالي وزير المالية وهذا شيء طبيعي فالنظر من داخل صندوق المسؤولية يختلف عن النظر من خارج الصندوق.
لقد جاء في جريدة الرياض (الملحق الاقتصادي) يوم الثلاثاء 3 يونيو 2014 النص التالي: قال الدكتور العساف في اجابته على سؤال حول التنوع الاقتصادي: "اننا نرى هذا التنوع في اقتصاد المملكة سنويا.. وهو في ازدياد مستمر الى جانب زيادة مساهمة القطاع الخاص في هذا النمو".
الحقيقة التي اراها ويراها معظم القراء كما يبدو من تعليقاتهم (وقد يكون بينهم متخصصون في الاقتصاد) انه لا يوجد تنوع مستدام ولا يوجد اي مساهمة للقطاع الخاص في النمو الاقتصادي.
إثبات عدم التنوع الاقتصادي المستدام في اقتصادنا أسهل من الساهل ولكن سأؤجّله حتى لا نصاب بالإحباط وأثبت الآن ان القطاع الخاص لدينا بوضعه الحالي لا ينتج اي قيمة مضافة للناتج القومي بل هو بوضعه الحالي اكبر مسرّب للقيمة المضافة التي من الممكن – لو احسن استغلالها – ان تضيفها ايرادات البترول للناتج القومي وبالتالي تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي المستدام.
القطاع الخاص في جميع الدول الحديثة هو مصدر ايرادات ميزانية الحكومة (عن طريق الضرائب) وهو المشغّل للقوى العاملة الوطنية وهو المنتج للناتج القومي بمعنى انه هو الذي يضيف (ينتج) القيم المضافة يذهب جزء منها ضرائب للحكومة فتنفق الحكومة بدورها هذه الايرادات على موظفيها ومشاريعها وجميع نشاطاتها كالأمن والدفاع والمدارس والمستشفيات والطرق والمواصلات داخل المدن واعانات الضمان للفقراء وهكذا جميع الأعمال غير الربحية التي تقوم بها الحكومة من ايراداتها التي تحصل عليها من القطاع الخاص.
بينما القطاع الخاص لدينا بعكس القطاعات الخاصة في الدول الاخرى فهو بدلا من ان يموّل ميزانية الدولة هو الذي يتلقى ايراداته من الدولة ثم يستقدم عمّاله من الخارج التي من حقها ان تخرج الجزء الاكبر من اجورها الى بلادهم فيفقد الريال الذي تنفقه الحكومة الجزء الاكبر من قيمته المضافة وهكذا تكون مساهمة القطاع الخاص خفض – وليس زيادة - مساهمته في النمو.
انتفاخ القطاع الخاص هو على حساب القضاء على القوة العاملة الوطنية تماما مثلما كان انتفاخ قطاع زراعة القمح على حساب القضاء على المياه الجوفية.
واضح كل الوضوح ان القطاع الخاص لدينا يعيش عالة على الانفاق الحكومي والانفاق الحكومي بدوره يأتي من مصدر وحيد هو تسييل ثروات ناضبة سيأتي يوم (هو اقرب الى العاجل من الآجل) ويختفي هذا المصدر ويصبح جميع ما تم صرفه على مشروعات البنية التحتية يحتاج الى تكاليف صيانة وتشغيل لا تقل عن تكاليف بنائها لا يوجد لدينا مصدر ايرادات للصرف عليها.
الخلاصة القطاع الخاص بوضعه الحالي (وليس الذنب ذنبه وحده وانما هو ذنب المخططين) هو احد اهم اسباب اعاقة اقتصادنا الوطني من تحقيق التنوع الاقتصادي المستدام.
المطلوب التوجه بسرعة الى تحقيق مقولة: "الصناعة خيارنا لتنويع مصادر الدخل". بريادة حكومية تعتمد 100 % على القوة العاملة الوطنية.
نقلا عن الرياض
هذا هو الكلام الصحيح.. تحياتي لك