ماذا بعد ترقية بورصتي الإمارات على مؤشرات «مورغان ستانلي» ؟

08/06/2014 0
زياد الدباس

تتنافس دول العالم على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، لأهميتها في تعزيز أداء الاقتصادات الوطنية وتعزيز سيولة الأسواق المالية ورفع مستوى كفاءتها، من خلال حوافز للمستثمرين وحماية لحقوقهم وتأمين لبيئة استثمارية متميزة تضمن عائدات وأخطاراً مقبولة. وتساهم أسواق المال في النمو الاقتصادي من خلال تجميع المدخرات وتوظيفها في دعم استثمارات حقيقية.

وأصبح الاستثمار الأجنبي لاعباً رئيساً ومؤثراً في أداء سوقي الإمارات (أبو ظبي ودبي)، إذ استحوذت تداولات هذا الاستثمار على ما نسبته 38 في المئة من إجمالي تعاملاتهما العام الماضي، وبلغت قيمة مشترياته نحو 32.4 بليون درهم (8.82 بليون دولار) ومبيعاته 30.4 بليون درهم. وساهم المستثمرون الأجانب في رفع مستوى الوعي الاستثماري وثقافة الاستثمار للمستثمرين المحليين من خلال الدراسات والبحوث والتوصيات وتوقعات الأداء التي يصدرونها دورياً ومساهمتهم في تعزيز الاستثمار المؤسسي في ظل سيطرة سيولة الاستثمار الفردي المضارب على حركة معظم أسواق المنطقة.

ويُلاحَظ ان العديد من أسواق المنطقة لم تبذل الجهود المطلوبة أو تضع القوانين اللازمة أو تقدم الحوافز الكافية لاستقطاب هذا الاستثمار ومنها، مثلاً، السوقان السعودية والكويتية لتحفظات على تملك المستثمرين الأجانب، على رغم ان السوق السعودية هي الأكبر في المنطقة والسوق الكويتية هي الأقدم في الخليج، وعلى رغم الانفتاح الكبير للاقتصاد السعودي والكويتي على الاقتصاد العالمي.

وتؤدي عوامل ضعف السيولة دوراً سلبياً في تدفقات الاستثمار الأجنبي على سوقي البحرين وعُمان، فيما كانت سوقا الإمارات في مقدم الأسواق الخليجية التي سمحت للأجانب بتملك حصص متفاوتة في رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة المدرجة، وهذا من الشروط الرئيسة لاستقطاب هذا الاستثمار إضافة إلى حرية دخول الأموال المستثمرة وخروجها وغياب الضرائب على أرباح هذا الاستثمار.

وبادرت سوقا الإمارات قبل سنوات كثيرة إلى عمليات تطوير واسعة النطاق للبنى التحتية التشريعية وفق أفضل الممارسات العالمية وتوفير لكل المتطلبات اللازمة لتطوير آليات عمل الأسواق للمساهمة في تعزيز كفاءتها واستقرارها مع الأخذ في الاعتبار العدالة في التعاملات لكل شرائح المستثمرين وإعطاء أهمية خاصة لما يُسمى حقوق الأقلية والحقوق المتساوية لصغار المساهمين، ما أدى إلى عدم استئثار شريحة محدودة من المطلعين وكبار المضاربين بالقدرة على الوصول إلى المعلومات الجوهرية والاستفادة منها قبل نشرها للجمهور بما يؤثر سلباً في سمعة الأسواق وكفاءتها وارتفاع أخطارها.

ومن اجل تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المؤسسي المتوسط والطويل الأجل على سوقي الإمارات ووضع هاتين السوقين على خريطة الاستثمار العالمي، بادرت السوقان قبل سنوات كثيرة إلى توفير كل المتطلبات التي تؤهلهما للانضمام إلى المؤشرات العالمية، وفي مقدمها مؤشرات «مورغان ستانلي» التي تحظى باهتمام المستثمرين في كل أنحاء العالم كما أنها معتمدة على نطاق واسع في تقويم مديري الصناديق في الأسواق الناشئة.

وترقية أسواق الإمارات على هذا المؤشر من أسواق مبتدئة إلى أسواق ناشئة العام الماضي وتفعيل هذه الترقية اعتباراً منذ بداية حزيران (يونيو) الجاري ساهما في تشجيع جهات مالية واستثمارية عالمية على الاستثمار، إضافة إلى حفز شركات بحوث مختلفة على إجراء دراسات وتحليل للشركات والأسواق مع إبقاء هذه الدراسات والتحليلات متاحة لقاعدة كبيرة من الزبائن والمستثمرين حول العالم.

واللافت للانتباه تدفق استثمارات أجنبية كبيرة هذا العام استبقت تفعيل قرار ترقية التصنيف وساهمت في تشجيع الاستثمار المحلي الفردي والمؤسسي على الشراء ما أدى إلى ارتفاع مؤشر سوق دبي خلال الثلث الأول من هذا العام بنسبة 50 في المئة، وهو الارتفاع الأعلى على مستوى المنطقة، مع الإشارة إلى ان هيئة الأوراق المالية الإماراتية وخلال السنوات الأربع الماضية أصدرت نحو 50 قانوناً تهدف إلى تعميق الأسواق وتنويع الأدوات الاستثمارية المتوافرة فيها ودعم الاستثمار المؤسسي.

وفي مقدم هذه القوانين قانون «صانع السوق» وهو الأول من نوعه على مستوى أسواق المنطقة، ويعزز إصداره توافر منتجات مالية مهمة، مثل المشتقات والعقود الآجلة ويعزز تداول أسهم الشركات التي تعاني ضعف السيولة.

تُضاف إلى ذلك أنظمة البيع على المكشوف، وإقراض الأوراق المالية واقتراضها، والتسليم في مقابل الدفع، و «الحفظ الأمين» (يحمي هذا النظام حقوق المستثمرين الأجانب). هذا علماً أن سوقي الإمارات متفوقتان في موضوع الإفصاح والشفافية والحوكمة وإعداد التقارير المالية وفق المعايير الدولية للمحاسبة.

نقلا عن الحياة