بقدر ما كان مثيرا للاستهجان اقتراح بعض أعضاء مجلس الشورى بإنشاء حصّالة (او ماسموه حينذاك صندوقاً للأجيال القادمة) بقدر ما يعتبر الآن من الحكمة اقتراح المجلس انشاء صندوق احتياطي للمتقاعدين. الفرق بين الصندوقين كالفرق بين الثرى والثريّا.
لقد كان الخلط بين مفهوم الصناديق السيادية متفشيا لدى بعض كتابنا فتشابهت عليهم المسميات وبالتالي المفاهيم وتأثروا بالدعايات التي يروّج لها السماسرة المسترزقون من الصناديق السيادية فصدقوا أنها تحقق الارباح الخيالية خارج الوطن التي لا تحققها التنمية الحقيقية داخل الوطن.
يجب ان نفرق بين انواع الصناديق السيادية وأسباب نشوء صندوق كل دولة قبل ان نستشهد بصندوق دولة ما ونطالب بتقليده كالغراب الذي يريد ان يقلد رقصة الطاووس.
دولة النرويج لديها صندوق سيادي للمتقاعدين، ودولة الكويت لديها صندوق سيادي للأجيال القادمة، وبعض الدول كالصين والهند ونمور آسيا لديها صناديق سيادية انشأتها لفتح اسواق جديدة لمنتجاتها الصناعية في الدول الاخرى لا يمكن بقاء هذه الاسواق مفتوحة لصادراتها بدون احتفاظها بهذه الصناديق، وحتى المملكة لديها صندوق سيادي من اكبر الصناديق السيادية نشأ تلقائيا من فوائض تصدير البترول الغرض منه تغطية مصروفات الحكومة عندما تنخفض ايرادات تصدير البترول.
هكذا اذن لكل صندوق من هذه الصناديق أسباب وظروف وأغراض تختلف عن أسباب وأغراض وظروف الصندوق الآخر (في مقالات سابقة تعرضت لهذه الاختلافات).
تجربة صندوق الكويت أثبتت انه من الخطأ ان تفتح دولة حصّالة نقود لأجيالها القادمة، ففي الوقت الذي كان المشرفون على صندوق الكويت يقولون ان دخله اكثر من دخل الكويت من البترول هبّت فجأة هبوب الغزو وتوقف انتاج البترول وتبين ان دخل صندوق الاجيال لا يكفي ان يوفر لقمة من الخبز الحاف واضطرت الكويت ان تسيّل أهم اصول صندوق الاجيال بخسارة.
أما صندوق النرويج وهو صندوق للمتقاعدين (وليس للأجيال القادمة) رغم الادعاء بأنه يحقق ارباحا اضعاف ما يحققه صندوق المملكة السيادي فإنه تعرض لعدة هزات آخرها ما نشرته صحيفة Wall Street Journal بتاريخ 30 ابريل 2014 (قبل شهر تقريبا) بأنه تعرض لانخفاض في اسعار الاسهم التي بحوزته (لا سيما في الصين) جعل عوائده اقل من 1.5 % بينما عوائد الاستثمارات الثابتة (مثل معظم استثمارات المملكة) 2 % بمعنى ان استثمارات المملكة ليس فقط أكثر أمانا لرأس المال بل حتى العوائد كانت في الفترة الاخيرة اعلى من عوائد صندوق المتقاعدين النرويجي.
في مقال رائع بعنوان: "نعم صندوق احتياطي للتقاعد" كتب الاستاذ عبدالوهاب الفايز (رئيس تحرير اليوم الغراء) بتاريخ 1\4\2014 مطالبا بانشاء صندوق احتياطي للتقاعد وقد اقتبست منه نصف عنوان هذا المقال لأهمية الاقتراح وتأييدا لفكرته.
وفقا للمادة 13 من نظام التقاعد يجوز زيادة حصة الحكومة بناء على عرض وزير المالية اذا تبين للمصلحة ان هذه الحصة لا تكفي التزاماتها.
أي ان وزارة المالية ملزمة (سواء عاجلا أو آجلا) بتمويل عجز صندوق التقاعد وهذا حافز لوزارة المالية ان تغتنم فرصة وجود الفوائض المالية الآن باعتماد صندوق احتياطي للمتقاعدين، ومنحهم علاوة سنوية بنسبة علاوة الموظفين (4 % تقريبا) لا سيما ان المادة التاسعة تنص: "اذا تبين وجود فائض يسمح بزيادة مزايا جديدة للمنتفعين بتوصية من مجلس الإدارة".
نقلا عن الرياض
وجود حوار افضل من عدم وجوده؛ نتمنى ان نقرأ الكثير حول هذا الموضوع ولو كان متناقضا؛ حتى يثرى الموضوع ويصلب عوده.
مقالة جنيلة جدا.. وانا معك فيما ذكرت..
مع احترامي للكاتب والمنقول عنه النتائج والارقام التى ذكرت غير دقيقة ولدينا تساؤل كيف نحول صناديق التقاعد والتامينات والستثمار الى صناديق تحوط وليس صحيحا ان الكويت لم تستفد من صندوقها فالقرش الابيض نفع فيي اليوم الاسود والدليل استمرار الكويت عليه
انا لااقترح وجود صندوق وانما محاولة خلق مميزات للمتقاعدين كأنشاء مستشفيات لهم ودور عجزه ونوادي رياضيه وجمعيات تعاونيه تكون باسعار رمزيه فزيادة 4% لن تؤدي الا الاي زيادة الاسعار في سوق مفتوح للغلاء بدون رقيب