أعلنت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني أخيراً تثبيت تصنيف الكويت عند Aa2 مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأكدت أن تصنيفها يستند أساساً إلى الموارد الهيدروكربونية الضخمة التي تملكها الدولة، لافتة إلى ان الكويت تعد ثامن أكبر منتج للنفط والغاز على مستوى العالم واحتياطات النفط والغاز المؤكدة فيها كبيرة جداً، كما أنها تحتل المرتبة الأولى عالمياً لجهة نصيب الفرد من الثروة النفطية.
وقدرت «موديز» استمرار احتياطات النفط والغاز في الكويت لنحو 89 عاماً على افتراض استمرار معدل الإنتاج الحالي، مضيفة أن الاحتياطات النفطية عززت المالية العامة للكويت بدرجة كبيرة، كما حققت الموازنة العامة فائضاً مالياً بنحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقد الماضي على رغم الزيادات في الإنفاق العام منذ 2010.
هذا التصنيف الائتماني صفحة ناصعة للكويت تحسدها عليه دول كثيرة، بالإضافة إلى ما تملكه الدولة من ثروة سيادية تتراوح قيمتها بين 350 و400 بليون دولار لتكون حصة الفرد منها في حدود 400 ألف دولار.
وساعد الأمن والأمان ومساحة الحرية وإبداء الرأي والهدوء الجيوسياسي مقارنة بدول أخرى في المنطقة على رفع مستوى التصنيف.
لكن ما مدى تأثير هذا التصنيف في الاقتصاد المحلي؟ وهل سيستفيد الفرد الكويتي من هذا التصنيف؟ وهل سيساعد هذا، مثلاً، في زيادة إنتاجية الفرد ووقف الهدر الذي يكلف موازنة الدولة مبالغ ليست قليلة؟ وهل سينعش هذا التصنيف الاقتصاد المحلي ويساهم في تحريك عجلة الاقتصاد والاستثمارات وفي بناء الموارد البشرية وتطويرها وخلق فرص عمل وتعزيز الإنتاجية والكفاءة؟ لن تكون الإجابة سهلة، ولن تكون مطابقة للتصنيف، بل ستكون عكس ذلك تماماً بسبب حالات العجز في التنفيذ والأداء على مستوى الإدارة العامة وما يرافقها من تداعيات سلبية.
تحتاج الكويت، مثلاً، إلى مطار جديد يكون الأحدث في المنطقة، فهي تملك الآن أقدم مطار في المنطقة، ولا حل عاجلاً يلوح في الأفق للمشكلة الإسكانية: فقط لجان ومحاضرات وندوات وخطب وظهور إعلامي كبير لكن من دون نتائج متوقعة على الإطلاق لحل هذه المشكلة التي مضى عليها أكثر من 20 سنة.
ولا تشجيع مهماً للقطاع الخاص ولا من برنامج ثابت للتخصيص، فالفوائض المالية الضخمة لا تُضَخ في الداخل بل تدخل المصارف المحلية ثم تنتقل إلى الخارج، ومن دون تخصيص المنشآت الحكومية ومنها «الخطوط الجوية الكويتية» والمواصلات وبعض القطاعات النفطية، ستكون الحال كما هي عليه منذ أكثر من 20 سنة.
وما فائدة التصنيف العالمي فيما لا تزال الكويت تعتمد على مصدر شبه وحيد للدخل من دون تنوع اقتصادي وهو النفط؟ وما فائدة هذا التصنيف العالمي وثمة بطالة مقنعة في الدوائر الحكومية لا تعمل ولا تجتهد ولا تستطيع منافسة الآخرين في المجالات ذاتها؟
أضافت الوكالة أن العوامل المؤسسية وأخطار الحوادث الجيوسياسية في المنطقة الطويلة الأمد تمثّل قيوداً محتملة لتصنيف الكويت.
لكن على رغم ذلك يوازن التصنيف النظرة المستقبلية المستقرة بين المركز المالي الحكومي القوي جداً، خصوصاً على صعيد الاحتياطات النقدية الخارجية، وبين التحديات التي تواجهها البلاد وأهمها التقدم البطيء على صعيد التنوع الاقتصادي بعيداً من النفط وتطوير العنصر البشري من تأهيل وتدريب، إلى جانب تعزيز منافسة الآخرين في مجالات العمل ذاتها.
إن تصنيف «موديز « هو في واقع الأمر صريح ومباشر ما يجعله إعلاناً مجانياً للكويت يشجع المؤسسات المالية العالمية على الدخول والاستثمار في هذه الدولة من دون تردد. ولكن يبقى سؤال: هل تستطيع الكويت ان تلبي طلبات المستثمرين المحليين والعرب والأجانب في المديين القصير والطويل وتفتح لهم قنوات مختلفة للاستثمارات؟ هذا هو لب الموضوع.
نقلا عن الحياة