تعتبر الشركات العائلية كيانا اقتصاديا أساسيا من كيانات الاقتصاد السعودي في دعم العلاقات التجارية الاقتصادية التي تربط ما بين المملكة والدول الأخرى، وتصل نسبة الشركات العائلية في المملكة إلى ما يقارب الـ 95% باستثمارات تفوق الـ 250 مليار ريال، وما زال نحو 70% منها تدار بواسطة مؤسسيها من الجيل الأول، ومن المهم أن تبدأ تلك الشركات في الاستعداد للمرحلة المقبلة للحفاظ على كيانها وضمان استقرارها ونموها، حيث إن تفككها يفقد الاقتصاد خبرات تراكمت منذ سنوات عديدة ما يضر بشكل مباشر بالاقتصاد المحلي.
ممارسات إدارية عديدة مهمة يجب على الشركات العائلية أن تنتهجها للحفاظ على استقرارها، وأهم تلك الممارسات وجود اجتماعات بشكل منظم لمجالس تلك الشركات؛ لإحاطة جميع أعضاء العائلة بمستجدات العمل التي تتعلق بالشركة، وأيضا وجود ميثاق عائلي يكون بمثابة دليل ومرشد لجميع أعضاء العائلة في أمورهم الشخصية وأعمالهم وعلاقاتهم ليقلل من فرص الصراعات والخلافات الداخلية التي قد تنشأ، إضافة إلى تعيين مستشار مستقل متخصص في الشركات العائلية وخصوصاً فيما يتعلق بالتداخلات بين الملكية والإدارة والعلاقات الأسرية، وأخيراً وضع خطة على المدى القصير والبعيد لإعداد قادة المستقبل من أعضاء العائلة؛ لتقليل الفجوة في المهارات بين جيل وآخر.
سأتطرق في هذا المقال الى أهمية وجود الميثاق العائلي في الشركات العائلية، فهناك مبررات عديدة لوجود هذا الميثاق ليساعد في استقرارها، منها وجود العديد من الاعتبارات التي يصعب ضبطها بالأنظمة، وأيضا لتوفير مرجعية لتحديد الواجبات والحقوق بشكل متفق عليه، والحاجة لوجود قواعد تفصل بين العلاقات والشؤون العائلية وبين أعمال وشؤون الشركة، إضافة الى وجود بعض الأهداف الاجتماعية التي يرغب المؤسس وأبناؤه في الحفاظ عليها واستمرارها عبر الأجيال القادمة.
ووجود ميثاق عائلي في الشركات له أهداف عديدة، ومن أهمها تنظيم أسس توارث الملكية والسلطة في الشركة بشكل ملزم لجميع أبناء العائلة، وبناء إطار مرجعي يلتزم فيه أبناء العائلة بتفضيل المنفعة العامة على الشخصية وتحديد المسارات الإستراتيجية وكيفية الإلتزام بها، إضافة الى اعتباره كمصدر يستمد منه حسم أي نزاع داخلي قد ينشأ بين أفراد العائلة.
ومن أهم المجالات التي ينبغي أن يحتويها الميثاق العائلي، وجود رسالة الشركة وأهدافها وحقوق الملكية من حيث نشأتها وحصصها وانتقالها وانتهائها، وآلية توظيف أجيال العائلة في الشركة وأساليب تهيئتهم لتولي المسؤولية ومعايير شغل الوظائف القيادية والصلاحيات المتاحة في اتخاذ القرارات وآلية فض النزاعات العائلية، إضافة الى أسس توزيع الأرباح بين أفراد العائلة وقواعد معاملة المتقاعدين منهم.
الشفافية والوضوح في المعاملات والجوانب المالية أمر مهم للحفاظ على استقرار الشركات العائلية والحرص على سمعة العائلة واسمها التجاري، حيث إن الشركات العائلية تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي ومعالجة العديد من القضايا الاقتصادية، وتأثرها يعني تأثرا للاقتصاد المحلي الذي يواجه تحديات عديدة، ولله الحمد لدينا العديد من الإمكانيات والكفاءات القادرة على تجاوز تلك التحديات.
نقلا عن اليوم