وزارة الزراعة واحدة من أقدم الأربع والعشرين وزارة في المملكة، فقد تم تحويل ما كان يسمى المديرية العامة للزراعة (التي انشأها المغفور له الملك عبدالعزيزعام 1925) إلى وزارة الزراعة والمياه في أوائل عهد المغفور له الملك سعود عام 1954.
الشيء الذي لا يعرفه الكثيرون أن الهم الاول الذي كان يشغل بال المؤسّس ليس البحث عن البترول بل البحث عن الماء (إكسير الحياة) ولكن الخبراء الأوائل الذين كلّفهم – رحمه الله – بالبحث عن المياه اخبروه أن وجود وبالتالي احتمال العثور على الذهب الاسود (البترول) اكثر احتمالا من وجود وبالتالي العثور على الماء (الذهب الابيض) تحت رمال صحارى المملكة القاحلة.
مناسبة هذا الكلام هو التصريح بأنه لا يوجد خطة وطنية للمياه ولا خطة استراتيجية للتنمية الزراعية هو السبب الرئيس الآن فيما يحصل.
يا وزارة التخطيط كيف تقولين إن خططك شاملة (أي جامعة مانعة) لم تترك شاردة ولا واردة لصالح اقتصادنا الوطني (لا سيما أجيالنا القادمة) الا أحصاها كتاب التنمية بين دفتيه.
الحقيقة انه كان يوجد لدى وزارة الزراعة استراتيجية للزراعة ولكنها من إعداد خبراء من دول زراعية (تماما كما ان استراتيجية اقتصاد المعرفة الآن من اعداد الكوريين) فوضعوا استراتيجية زراعية تتفق مع الاستراتيجية التي وضعوها لبلادهم حيث ارضها مروج وأنهار.
تحت شعار الأمن الغذائي تم الترويج لزراعة القمح وتخيّلنا ان الأنهار تجري تحت اقدامنا بسرعة جريان نهر النيل لخمس مئة سنة ناهيك عن انهار الربع الخالي (آسف أقصد الغالي).
عندما دخلت على موقع وزارة الزراعة من أجل ان أجد معلومات أستطيع استخدامها في كتابة هذه الزاوية صدقوني لم أجد معلومات تفيدني غير عبارة مكتوبة بالخط السيّار تقول: "دام عزك ياوطن". فاضطررت للرجوع للمعلومات عن وزاة المياه لاستقاء معلومات عن وزارة الزراعة فوجدت ما يلي:
استهلاك القطاع الزراعي السعودي للمياه خلال الست سنوات الأخيرة (الكلام منسوب لمعالي وزير المياه) يعادل استهلاك اربع مئة سنة، والشركات الزراعية الكبرى تستهلك خمس مئة لتر من المياه لإنتاج لتر واحد من اللبن، وخمسة وعشرين الف لتر ماء لإنتاج كيلو واحد من اللحم، تربية الماشية يجب ان تتوقف وهي ستتوقف على اية حال اذا انتهى الماء وهو ما هو بعيد عنا، وان ما تستهلكه الشركات الزراعية الكبرى في حائل من المياه في شهر يكفي المنطقة لمدة عشرين عاما.
يجب ان لا يُلقى الحمل بكامله على كاهل وزارة المياه وحدها بل يجب على وزارة الزراعة ووزارة التخطيط ومجلس الاقتصاد الاعلى ان يكون لهم دور فعّال في الاصلاح الفوري والتكفير عن ذنب جفاف عين ام سبع بالأحساء (كمثال) بعد ان كانت فوارة تهدر بالماء المعين وتوزع فيض مائها على سبعة أنهر تهدر بالماء الزلال (المصدر برنامج الثامنة لداوود الشريان مع وزير المياه).
من البديهي انه من المستحيل تحقيق الأمن الغذائي من غير توفر الماء فكيف تبلغ الغفلة بالبعض – ولو عن حسن النيّة – ان يقولوا ان أمننا الغذائي أهم من أمننا المائي ألا يدركون مدلول العبارة المقتبسة حرفيا أعلاه: "تربية الماشية (وقس عليها جميع انواع الزراعة الجائرة) يجب ان تتوقف وهي ستتوقف على اية حال اذا انتهى الماء وهو ما هو بعيد عنا".
نقلا عن الرياض
الماء موجود ويتجدد منذ خلق الله الأرض، وما وجده الله هنا إلا لكي نستفيد منه، لا لنلقي بجميع أنواع العراقيل أمام الاستفادة منه.