اسألوا مدينة الملك عبدالله للطاقة!!

14/05/2014 15
مازن السديري

تبلغ الطاقة الكهربائية في المملكة حوالي 45 جيجا لتعداد سكاني يبلغ 30 مليون نسمة (بما فيهم الأجانب)، بينما في نيجيريا تبلغ الطاقة الإنتاجية 4 جيجا لتعداد سكاني يقدر بحوالي 174 مليون نسمة، من هذه الأرقام نستنتج بأن الطاقة الكهربائية في المملكة تعادل نيجريا 11.4 مرة، وأيضاً الشعب النيجيري يعادل السعودي 5.8 مرة، من هذه المقدمة والأرقام يستطيع أي طفل في المرحلة الابتدائية أن يرى المدى الصحي لكمية الطاقة الكهربائية للمملكة قياسا بنيجيريا، ولكن هذه الأرقام لا تجلب الاطمئنان أبدا بل الخوف.

نعم بكل تأكيد الخوف؛ لأننا أمام خيارين؛ إما ما وعدتنا به مدينة الملك عبدالله للطاقة بأن تتضاعف الطاقة الكهربائية إلى 128 جيجا بعد حوالي واحد وعشرين عاما (عام 2035) بفضل أن نصفها قادم من المصادر المتجددة (الطاقة الشمسية والنووية).. أو سنكون نيجريا، لأننا بكل تأكيد لن نستنزف المورد الأساسي لأكثر من الحد المسموح، قد يقول البعض: لا، بل ممكن.. جوابي نعم ممكن، اليوم فقط، ولكن غداً وبفرضية عدم وصول الصادرات غير النفطية إلى نسبة تتجاوز على الأقل 30% من مجموع الصادرات وما فوق فلا يمكن مستقبلا قبول الاستنزاف الاستهلاكي أكثر من ذلك.

الجميع يتصور بأن التوسع في الطاقات الكهربائية. سيتم سواء وطنت الطاقة البديلة في المملكة أو سيكون الخيار الاعتماد على النفط وهذا غير صحيح.. هنا أحتاج تركيزك أخي القارئ.. المملكة لن تقبل استنزاف نفطها مستقبلاً لعدة معطيات.. بالطبع أبني وجهة نظري على تصورات قابلة للخطأ ولكنها منطقية، منها: أن التزايد السكاني إذا استمر بنفس النسبة فسيصل عدد السكان إلى حوالي 47 مليوناً في عام 2035، وإذا استمرت نفس النسب الموزعة للاستهلاك الكهربائي كما هي بين القطاعات العامة (السكني، الصناعي، التجاري)، وإذا ارتفعت إمكانية التقنية ونسبة استهلاكها في أي بيئة عمل بما يعني زيادة استهلاك الطاقة للفرد (بالإضافة للتزايد السكاني) برغم جهود رفع كفاءة الطاقة، إضافة لاستهلاك وسائل النقل (السيارات) ودخول وسائل نقل عامة (قطارات - مترو) تزود أيضاً بالوقود أو الكهرباء المنتج بالوقود، سيصل الاستهلاك المحلي الى 5 ملايين برميل يومياً.. أخيراً زيادة استخراج النفط تزداد في الكلفة، والآبار الجديدة أكثر كلفة، والقديمة سوف تزيد تكلفة الاستخراج فيها (نفس المشكلة مع الغاز).

مع كل هذه المعطيات سوف تتوقف المملكة للحفاظ على موردها الأساسي الذي من الصعب إيجاد بديل مربح عنه خلال عشرين سنة، فسيكون الحل التضحية بالتوسعات الكهربائية ونعود لمشكلة التسعينيات الميلادية عندما كانت المناطق غير الرئيسية مهملة بالتوسعات الكهربائية مما أدى الى افتقارها للخدمات العامة (مستشفيات، كليات، مراكز تجارية) بسبب نقص الطاقة.. وكانت أحد أسباب مشاكلنا اليوم لعدم التوزيع الديمغرافي الصحي..

أخيراً؛ نيجيريا السبب الرئيسي في قلة إنتاجها الكهربائي هو عدم وجود طاقة متجددة تعتمد عليها، ولأنها تعتمد على النفط بشكل رئيسي في صادراتها (يشكل 95%) لذلك هي تضحي وتقبل بأن 18% من السكان محروم (يلجؤون للمولدات المحمولة).

السؤال الذي لن أسأله للمرة الأخيرة؛ ماذا أعدت مدينة الملك عبدالله للطاقة بشأن ما وعدت به عن الطاقة المتجددة؟

أرجو التوضيح.. نريد أن نسير للأمام وإلا انظروا لنيجيريا يا مدينة الملك عبدالله؟!

نقلا عن الرياض