تعاني معظم أسواق المال في المنطقة ضعفاً في مستوى الإفصاح وانخفاضاً في جودته، ما ينعكس سلباً على كفاءة هذه الأسواق ويرفع مستوى أخطارها.
وتعاني العديد من الأسواق عدم تفعيل مبدأ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص في الحصول على المعلومات من جميع شرائح المساهمين والمستثمرين، وفي مقدمهم صغار المساهمين، وهذا يؤدي إلى خلق فجوة بين الأسعار العادلة والأسعار السوقية لأسهم الشركات المدرجة.
ثمة تباطؤ لدى نسبة مهمة من الشركات المدرجة في الأسواق في عقد جمعياتها العمومية السنوية وتباطؤها في نشر البيانات الدورية (كل ثلاثة أشهر) والبيانات المالية السنوية، بيئة خصبة للشائعات التي يروجها بعض كبار المضاربين بهدف تحقيق أرباح سريعة، إضافة إلى ان هذا التباطؤ في الإفصاح يساهم في استغلال المعلومات الجوهرية من المطلعين، خصوصاً أعضاء مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية، فيتمكنون من تحقيق مكاسب أو تجنب خسائر بفضل اتخاذهم القرارات الاستثمارية المناسبة، سواء البيع أو الشراء، اعتماداً على المعلومات التي اطلعوا عليها قبل نشرها وقبل تفاعل الأسواق معها.
ولفتت أخيراً مبادرة مجلس الإدارة الجديد لشركة «أرابتك» العقارية الإماراتية، التي تملك حكومة أبو ظبي حصة غير مباشرة فيها، إلى اتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات بهدف ان يحقق اجتماع الجمعية العمومية السنوي للشركة أهدافه المحددة، فلا يكون اجتماعاً روتينياً، كما هي الحال في نسبة مهمة من اجتماعات الجمعيات العمومية للشركات المدرجة، باعتباره فرصة سنوية مهمة تجمع مجلس الإدارة وأعضاء الإدارة التنفيذية ومدققي الحسابات الخارجيين والمستشار القانوني وممثلي الجهات الرقابية، وفي مقدمهم ممثلو هيئة الأوراق المالية.
ومن الخطوات المتخذة دعوة المساهمين في وسائل الإعلام المختلفة قبل الاجتماع بأيام للتذكير بموعد الاجتماع على رغم إرسال دعوات إلى جميع مساهمي الشركة، مع الإشارة في الإعلان إلى كل المواضيع التي ستُبحث في هذا الاجتماع والمعلومات التي ستُنشر.
وللمرة الأولى في تاريخ الجمعيات العمومية في الإمارات دُعي المحللون الماليون ومسؤولو الصحف الاقتصادية لحضور هذا الاجتماع مع السماح لجميع الحضور، سواء كانوا مساهمين أو غير مساهمين، بتوجيه الأسئلة والاستفسارات إلى مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بهدف مساعدتهم على احتساب السعر العادل لأسهم الشركة.
حصل هذا بعكس ما يحدث في معظم الجمعيات العمومية حيث لا يُسمَح بالحضور إلا للمساهمين، وإذا سمح بعض الشركات لبعض المستثمرين بالحضور فلا يسمح لهم بالاستفسار باعتبارهم غير مساهمين على رغم ان الإجابة عن استفساراتهم قد تحفزهم إلى شراء أسهم الشركة وبالتالي يصبحون مساهمين.
وللمرة الأولى أيضاً في تاريخ الجمعيات العمومية يعرِّف كبار التنفيذيين في الشركة بأنفسهم وتاريخهم المهني ومستوى تعليمهم أمام الحضور من أجل طمأنة المساهمين إلى كفاءة الإدارة العليا وقدرتها على تحقيق أهداف الشركة وتعزيز قيمة حقوق مساهميها.
واستطاع مجلس إدارة شركة «أرابتك» خلال ثلاث ساعات ان يوضح لمساهميه بكل شفافية تفاصيل إيرادات الشركة ونفقاتها خلال العام الماضي، مع توضيح تفاصيل قيمة المشاريع والعقود التي تنفذها وبلغت قيمتها في نهاية 2013، نحو 24.1 بليون درهم (6.6 بليون دولار) بينما وصلت قيمة المشاريع قيد التنفيذ هذا العام نحو 200 بليون درهم، علماً أن الشركة وقعت اتفاقاً مفصلياً مع وزارة الدفاع المصرية لبناء مليون وحدة سكنية، إضافة إلى التزامها تنفيذ مشاريع مهمة في السعودية والعراق والأردن ومصر. هذا ناهيك عن إفصاح الشركة عن تفاصيل كل مشاريعها المتوقعة حتى 2018.
من الأهمية المشاركة الإيجابية للمساهمين على مختلف شرائحهم في الجمعيات العمومية للاطمئنان إلى استثماراتهم وكفاءة توظيف مدخراتهم.
وخلال العديد من الجمعيات العمومية للشركات المساهمة العامة في السنوات الماضية طُرِحت استفسارات وملاحظات واقتراحات وانتقادات مهمة من بعض صغار المساهمين المتخصصين كان لها تأثير مهم في إعادة النظر في الخطط والاستراتيجيات والتوسعات والنفقات الخاصة بالشركات، خصوصاً أن بعض إدارات الشركات ترحب بأي ملاحظات إيجابية ومهنية مهمة.
نقلا عن الحياة