باختصار.. العقار لن ينهار!

06/05/2014 22
رياض السعيد

انتشر مؤخرا في الأوساط "الإلكترونية" خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، رسائل متعددة، تتحدث في معظمها عن "انهيار عقاري مقبل"، حيث بالغ بعضهم في أحلامه، وبدأ يتحدث بصيغة المضارع فيكتب "العقار الآن يمر بمرحلة الانهيار" بينما أخذ البعض يرسلها بصيغة الماضي "العقار قد انهار"!!

وبطبيعة الحال، فإن الغالبية يعلمون أن ذلك لم يحدث فعلياً حتى الآن، ولكن المشكلة أن الكثير أصبح يتمنى ذلك، بل ويترقب حصول ذلك على أمل أن خبر "الانهيار العقاري" صحيح، خصوصا أولئك الذين يحلمون بالسكن وهم الغالبية في المجتمع السعودي.

في الحقيقة، إن خبر "الانهيار العقاري" هو غير صحيح، فهو لم ولن يحدث، على الأقل في المرحلة الحالية، وإن حصل ذلك "لأي سبب" فإن الدولة ستتدخل؛ لحماية العقار؛ لأسباب سأذكرها في سياق مقالي هذا.

نحن نعلم أن السيولة النقدية في المملكة في تزايد مستمر، مع تزايد أسعار النفط، وبالتالي فإن ضخ السيولة في الاقتصاد السعودي يتطلب أوعية لاستيعابها، وذلك لامتصاص التضخم الناتج عن تزايد السيولة، ولكن للأسف أن القنوات الاستثمارية بالمملكة شحيحة، وأكبرها هو القطاع العقاري رغم عدم وجود قاعدة بيانات واضحة للحجم الفعلي لهذا القطاع، ولكن أقصى التقديرات وصلت بأنه 3 ترليونات ريال، وأقلها يقول إن حجمه 2 تريلون ريال، وفي كل الأحوال يبقى هو الأكبر، فيما نجد أن حجم قطاع السوق المالي بلغ حتى إغلاق تداولات الأحد الماضي 1,990 مليار ريال، حسب الأسهم المصدرة ، وأما إذا حسبنا فقط الاسهم الحرة فإن حجم السوق لا يتجاوز 870 مليار ريال، تليه القطاعات الأخرى ومن أهمها القطاع الصناعي الذي بلغ حجمه 800 مليار ريال، باستثناء مدينتي الجبيل وينبع (حسب تصريح وزير التجارة والصناعة).

الآن لنتصور أن هناك هبوطا كبيرا بالسوق العقاري (لا أقول انهيار)، والذي استوعب هذه السيولة الضخمة من الاقتصاد فما الذي سيحصل؟ 

أبسط ما سيحصل، هو حدوث تضخم كبير بأسعار السلع والأصول الرأسمالية، ولا أبالغ حين أقول إن السلعة التي تشتريها سابقاً بسعر 100 ريال، فإنك حينها لن تستطيع شراءها بسعر 300 ريال؛ نتيجة ضخ السيولة بالاقتصاد الناتج من الهبوط الكبير ( الافتراضي ) للسوق العقاري، واقرب دليل ما يحدث من تبادل أدوار بين سوق الأسهم وسوق العقار، فبمجرد تباطؤ النمو العقاري، وتراجعه خرجت السيولة منه ودخلت سوق الأسهم وقفزت به إلى مستويات لم يصلها منذ 5 سنوات، رغم انني أعتقد بأن هذا التوجيه للسيولة هو توجيه مدروس مسبقاً من قبل الدولة؛ حفاظاً على التوازن الاقتصادي قدر المستطاع.

أخيراً، فإنه من المتوقع أن يكون هناك تباطؤ في النمو العقاري بالفترة الحالية، أو تراجع معقول. لكن، لن يكون هناك انهيار، لأن تبعات الانهيار ومخاطرة ستكون وخيمة ليس على القطاع فحسب، بل سيؤدي إلى كارثة اقتصادية، ولا ننسى أن التذبذبات السعرية العقارية تأخذ فترات أطول، وليست مثل تذبذبات أسعار الأسهم التي تكون سريعة ولحظية.

نقلا عن اليوم