الواردات في المملكة العربية السعودية قفزت من 156 مليار ريال عام 2003م إلى 628 مليار ريال عام 2013م، أي بمعدل نمو سنوي 15%، ومتوقع أن يصل إلى تريليون ريال عام 2017م بنفس معدل النمو، وتتخطى قيمة صادرات النفط عام 2019 قبل أن تصل إلى تريليوني ريال عام 2022م.. معظم الواردات من الصناعات متوسطة التقنيات منها الآلات والأجهزة والمعدات ومعدات النقل بما فيها السيارات.
يأتي هذا التزايد في الواردات بسبب الاعتماد على النفط، الذي نتج عنه أيضاً (كما هو متوقع) تزايد في البطالة وضعف في الوظائف المتوفرة وعدم تطوير الكوادر البشرية.. ولذلك المملكة تحتاج إلى الدخول في الصناعات متوسطة التقنيات لكي تحقق إستراتيجيات (أولاً) خفض قيمة الواردات، (ثانياً) القضاء على البطالة بوظائف مجدية ورواتب عالية، (ثالثاً) عدم الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد.
وللخروج من المأزق وبالنظر إلى الإستراتيجيات، يجب أن تبني المملكة هويتها، ومن أهم إستراتيجياتها أن تركز على (توفير الوظائف برواتب مجدية) مثل ألمانيا، فعندما اختارت ألمانيا هويتها الصناعية، نظرت إلى توفير رواتب عالية من خلال التركيز على الصناعات عالية الدقة، ولذلك تجد معدل رواتب العاملين في صناعة السيارات في ألمانيا ضعف العاملين في نفس الصناعة في أمريكا .. فهؤلاء يصنعون BMW وأولئك يصنعون اليوكون والفورد. أما بالنسبة لعدد الوظائف، فنجد ألمانيا حققت ذلك، فمثلاً مصنع فلوكسواجن VW يعمل لديه 502 ألف فني وما فوق بتلك الرواتب، وأيضا مصنع BMW يعلم لديه 106 آلاف فني ومهندس. وعلى نفس السياق، فشركة سيمنز الألمانية توفر 365 ألف موظف يعملون برواتب عالية في صناعة الإلكترونيات والهندسة.
وبسبب غياب «الهوية»، نجد خطط المملكة الحالية لم تنظر إلى (الرواتب المناسبة للمواطن) أكثر من النظر لعدد الوظائف الممكن توفيرها، فتعّول المملكة حالياً على الصناعات التحويلية التكميلية في المستقبل والتي من الممكن أن توفر فرصاً وظيفية وفيرة ولكن برواتب متدنية، أي أنها تناسب العمالة الرخيصة من الهند وباكستان والفلبين وغيرها.
لا شك بأن الدخول في عالم الصناعات لن يكون سهلاً ما لم تتحقق عوالم النجاح لهذه الصناعات لتصل إلى التطلعات ولكي تنافس الصناعات الدولية أيضاً، وهذه العوامل (أولاً) تأهيل الكوادر البشرية، (ثانياً) استثمارات رأسمالية عالية، (ثالثاً) مراكز البحوث والتطوير والدراسات.
وإذا ما نظرنا إلى صعوبة العوامل، ستكون بداية اقتحام الصناعات صعبة وتحتاج إلى وقت طويل لكي يكتمل تطوير الكوادر البشرية وتفعيل دور مراكز البحوث والتطوير واكتمال الدراسات بأنواعها، وسيكون هذا على حساب الأرباح في السنوات الأولى.
ولذلك، يلزم الاستعانة ببعض الكوادر البشرية من أصحاب الخبرات المطلوبة، وأيضاً الاستعانة ببعض التقنيات والتكنولوجيات الجاهزة من الخارج ريثما يكتمل تفعيل الأوار محلياً. لا شك أنه ستكون هناك صعوبات كثيرة وتحديات، ولذلك يلزم تعيين قيادات من أصحاب الكفاءات والقدرات وليس النمط المعتاد والتوظيف بالتوصيات.
أما بالنسبة لتأهيل الكوادر البشرية وتجهيزهم لسوق العمل، فالعوامل موجودة منها مدارس وكليات صناعية وجامعات مغلقة في الفترة المسائية ويمكن الاستفادة من المبتعثين والخريجين المحليين ويمكن أيضاً الاستفادة من أصحاب التخصصات المعنية وذوي الكفاءة في تولي مهام التدريب بعد الحصول على دورات سريعة في «التدريب»، وأيضاً يمكن الاستعانة بكوادر تدريب من الجامعات العالمية والكليات مؤقتاً .. بالإضافة إلى صناعة الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية ومعدات النقل بما فيها السيارات، أيضاً من الخدمات والصناعات والتي تفي بجميع الإستراتيجيات المذكورة، هي الخدمات والصناعات الطبية، وقد تكون هناك معوقات حالية ويلزم تخطيها.
ولكي تكون المملكة وجهة ومركز «طبي» عالمي، يلزم بناء مدن طبية كثيرة وتفعيل مراكز البحوث والتطوير الطبي، وزيادة كمية استيعاب الجامعات الموجودة وبناء جامعات أخرى وتحسين مستوى التعليم الطبي، وقد يكلف هذا حوالي من 350 إلى 400 مليار ريال .. ولحين اكتمال نسبة السعودة القصوى بالكوادر الطبية (أطباء وإخصائيين واستشاريين، وصيادلة، وتمريض، وفنيين)، يمكن الاستعانة بأجانب لعدة سنوات.
بينما يتم تدريب الموظفين والعمالة في السنتين الأولى، وبناء المصانع، وتجهيز البقية، يجب أن لا ننسى أن ضرورة ابتعاث بعض الكوادر ذوي الكفاءات لتنمية المواهب في الأعمال الدقيقة كالأمن والسلامة الصناعية، الجودة، المواصفات والمقاييس، المعايير في الأعمال الصناعية، والبقية. تعتبر هذه النقلة والمتوجب عملها للمملكة نقلة نوعية وصعبة جداً، ولذلك لن يستطيع العمل على إداراتها وريادتها إلا أصحاب المهارات العليا والقادرون على التغيير وصناعة القرار من خلال إستراتيجيات ونظرات بُعد ثاقبة .. ويتوجب أيضاً عدم النظر للخلف، واستبعاد جميع من يضع العوائق، وفي هذه الحالات، ينقسم فريق العمل إلى قسيمين، قيادي وإداري، ويتوجب اختيار أصحاب المهارات الملائمة بحذر كأحد أهم عوامل نجاح المضي قدماً.
أخيراً، القطاع الخاص لن يكون قادراً على هذه الأعمال بما فيها تحديات وصعوبات واستثمارات ضخمة ونسبة مخاطرة عالية، ولذلك يجب أن تستثمر الدولة بهذه الصناعة كما عملت في بناء سابك قبل 35 سنة وبنفس الطريقة كشركات خاصة، ويمكن التخصيص مستقبلا متى ما اكتملت الصناعات.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
مقالة جميلة جداً....وأرقى التحايا إليك.
كلام انشائي مكرر وعام ,, من وأنا بزر وأنا أسمع هالاسطوانه المشروخه ,, ماراح نتطور لين يحج البقر على قرونه!
معك حق..كلام فاضي اذا مصر و المغرب و هي مفلسه منذ زمن ما طورت اي صناعه تجي حتي نص شركه فولكس واجن..وش تبي انت تسوي و انت اغني منهم 10 مرات عندهم نظام دوله خارج من الشعب و يحاسب منا الشعب...لكذا هو تطوررو احنا اخر اهتمامتنا العلم و الاقتصاد و التطور
السلام عليكم ,, تطور البلد لا يشمل فقط تطوير الأنظمة لكي تتطور البلدة ,, ولكن يشمل اجتهاد المواطنين ورغبتهم في التطور بدراستهم واطلاعهم وعملهم الصادق حتى وان صادفتهم صعوبات
100% يا ابو حسين ............ الشعب له دور كبير ....... واكبر دليل لبنان .... عمرك شفت لبناني فقير
طرح جيد وسريع لمزايا المانيا الاقتصاديه. وهذا شعب متعلم ومحب للعمل. كما انه لديه اجيال متوارثه من الحرفيين الصناعيين ونحن نفتقر لهم. انا اوفقك في ضروره خلق وظائف ذات عائد مالي مناسب. ولكن يتوجب ان ناخذ في اعتبارنا مايفضلنا عن غيرنا كهبة وجود الحرمين الشريفين والتاريخ المصاحب لهم. افضليه موقع المملكه الجغرافي وطبيعه الشعب وحبهم للتواصل. يتبع
٢. باعتقادي ان صناعه الخدمات هي الافضل لخلق وظائف برواتب معقوله في وضعنا الحالي. نبداها بتعظيم دور السياحه الدينيه. اعتقد امكانيه زياده المعتمرين الى ٥٠ مليون او ١٠٠ في السنه ممكنه. خلق صناعه وتجاره الترانزيت ايضا ممكنه. اطلاق بؤر ابداع لصناعه البرمجه بكل انواعها. السياحه بكل انواعها وذللك لوجود تاريخ وطبيعه خاصه. امل ان اكون شاركت بطريقه ايجابيه في مدونتك وجزاك الله خيرا على الطرح.
شركة معادن ستكون ايراداتها ان شاء الله عام ٢٠٢٠ فوق ٣٠ مليار والشركة المعلن عنها قبل شهر الخاصة بالصناعات التحويلية ستكون ايراداتها ان شاء الله عند اكتمال مشاريعها فوق ١٠٠ مليار ونتمنى الاسراع في مشاريعها لأنها متخصصة باهم صناعة نحتاجها وهي مسئلة حياة او موت لنا وهي صناعة الطائرات والسفن العسكرية بالمقام الاول ثم المدنية بعد ذلك وايضا ستقوم صناعة للسيارات قريبا في بلادنا يتبقى صناعة مهمة جدا وهي صناعة اجهزة الاتصالات والبصريات وايضاً التركيز على صناعة اجهزة الحاسب الالي ودعم المصنع الذي تم افتتاحه قبل فترة قصيرة في جيزان لصناعة اجهزة الحاسب الالي ، اهم شي الاسراع في هذه الصناعات الحقيقة والا سيأتي يوما نرى اراذل الخلق من المجوس اومن بقية دول العالم كروسيا وامريكا يحومون فوق مدننا بطائراتهم ونحن لاحول لنا ولاقوة كما شاهدنا الطائرات الامريكية قبل سنين تستعرض فوق بغداد . ولنتذكر ان لاصديق دائم وانه لن يحك جلدك غير ظفرك وان نتذكر اننا لسنا كبقية دول العالم بل اننا حملة الرسالة وخيرة الله من خلقه ولذلك يجب ان نعمل المستحيل للوصول لاعلى مستوى في اهم امر في هذا العالم حاليا من ناحية المادة وهو حيازة التكنولوجيا بالذات عسكرياً والوقت من ذهب فكل يوم يضيع ونحن لانتحرك سنندم عليه يوماً ما .
لايمكن منافسة الصين فى الصناعة ... والتحدى فيها وهم... ويجب النظر الى الاعمال الابداعية والخدمات (السياحية ، الترانزيت ,,, وأي صناعة لها مكون محلى ....) وتعويد الجيل الحالى عليها وهى مستقبلنا.