إلى متى تتخلى البنوك في السعودية عن المسؤولية الاجتماعية

24/04/2014 3
د.فهد صالح عبدالله السلطان

كشفت النتائج المالية للمصارف السعودية المدرجة في سوق الأسهم عن نمو صافي الأرباح المجمعة للربع الأول للعام 2014م بنسبة 5.4 إلى 8.65 مليار ريال.

هذا وكانت أرباح المصارف السعودية قد حققت أعلى مستوى في تاريخها على الإطلاق خلال العام2013م لتحقق بنهاية العام 37،62 مليار ريال مقابل 35،1 مليار ريال في العام 2012 م، وهو أمر يسر الجميع ونتمنى لها المزيد. ولكن يحق للمجتمع في المقابل أن يسأل عن دورها الاجتماعي وماذا قدمت للوطن.

لا أعلم بنوك في العالم تحظى بالمميزات التي يحظى بها قطاع البنوك السعودية سواء من الحكومة بما في ذلك عدم أخذ ضرائب وتقديم الخدمات العامة والتسهيلات لها أو من المواطنين الذين يتنازلون بطوع إرادتهم عن أخذ أي فوائد على مدخراتهم البنكية بسبب تدين المجتمع وتحريم الربا، وفي المقابل لا تسعفني معلوماتي عن بنوك أخرى أقل مساهمة اجتماعية من بنوكنا!!! يا لها من مفارقات عجيبة.

تساؤلات عدة تدور في أذهان الجميع: أين بنوكنا من المساهمة في تنمية المجتمع، أين دور البنوك في دعم برامج الأسر المنتجة؟ ، أين دور البنوك في إنشاء المصحات؟ أين دور البنوك في دعم المبادرين من الشباب والشابات؟، أين دور البنوك في التمويل الميسر للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر؟ أين دور البنوك في إنشاء المعاهد ومراكز التدريب غير الربحية؟ ، أين دور البنوك في تدريب أبناء المجتمع وخاصة أبناء ذوي الدخول المحدودة؟، أين دور البنوك في إنشاء دور الرعاية الاجتماعية؟، بل أين دور البنوك في الحد من الفقر؟ إذا كان القائمون عليها يدعون بأن لها بعض المساهمات فنقول لهم إن سلمنا بذلك فإنها لا ترقى إلى الحد الأدنى الذي يجب عليها القيام به ولا تعكس بأي حال العوائد التي تحققها من هذا المجتمع المسلم الذي في ـ معظمه ـ يتخلى طوعا ودينا عن عوائد ودائعه.

ومن باب الإفصاح والشفافية فإنني آمل من البنوك العاملة في المملكة الإفصاح عن النسبة التي تقتطع من صافي أرباحها وتصرف على أعمال المسؤولية الاجتماعية.فهذا أدعى للموضوعية والخروج من الجدل

. لقد كتبت عن هذا الموضوع أكثر من مرة وكتب عنه غيري من الكتاب ولكن دون جدوى. يقول الكاتب المعروف عابد خزندار في معرض استيائه من تخلي البنوك عن المسؤولية الاجتماعية في جريدة الرياض 20 ـ1ـ2014م « وقد سبق.... أن كتبت في هذا الموضوع دون أي صدى أو رد فعل ولكن هذا لن يثنيني أن أكتب عنه مرة تلو الأخرى».

أعتقد أنه حان الوقت لمطالبة البنوك ـ بشكل مؤسسي منهجي وجاد ـ بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية والوطنية وحتى يكون طرحنا عمليا وذا نتائج إيجابية محسوسة فإنني أقترح اتخاذ ما يلي:

1- أن تقوم مؤسسة النقد مشكورة بوضع الحد الأدنى للنسبة التي تقتطع من صافي أرباح البنوك وتخصص للمسؤولية الاجتماعية.

2- أن تعلن البنوك بشكل ربع سنوي عن النسبة التي تم اقتطاعها من صافي أرباحها وصرفها على الأنشطة الاجتماعية ومواطن صرفها.

3- أن يساهم المواطن نفسه في الدفع بهذا الاتجاه وتحفيز البنوك على المساهمة في الأعمال الخيرية بحيث يتفاعل بشكل أكثر مع البنوك التي تساهم في تنمية مجتمعه كأن يتم التركيز في الودائع وغيرها من التعاملات على البنوك الأكثر مساهمة اجتماعية.

ونظراً لأنه يبدو أن هناك استياء اجتماعيا عاما من تهرب البنوك من التزاماتها الاجتماعية، فإنني آمل من القائمين عليها ـ خاصة وقد عرف عنهم الوطنية والإخلاص ـ أن يبادروا إلى الوقوف مع النفس والدفع ببنوكهم إلى تحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع والوطن؟

نقلا عن جريدة الجزيرة