بعد أربع سنوات من العمل والجهد والمتابعة، شهدت عمليات تطوير واسعة النطاق في البنى التحتية والتشريعية لسوقَي المال في الإمارات وفق أفضل الممارسات العالمية، استطاعت هيئة الأوراق المالية في الدولة، بالتنسيق مع سوقي المال، تحقيق إنجاز تمثل في ترقية السوقين من مرتبة الأسواق المبتدئة إلى مرتبة الأسواق الناشئة في مؤشر «مورغان ستانلي» العالمي الذي بدأ العمل به منتصف الثمانينات وشكل في البداية واحداً في المئة من المؤشر العالمي الشامل لكل الدول قبل ان ترتفع الحصة إلى 14 في المئة عام 2013.
ويحظى هذا المؤشر باهتمام المستثمرين في كل أنحاء العالم، وهو المؤشر المعتمد على نطاق واسع من مديري الصناديق لتقويم الأسواق الناشئة. ويُعتبر الإنجاز الإماراتي قياسياً إذا أُخذ في الاعتبار عمر الهيئة والسوقين، الذي لا يتجاوز 14 سنة.
وتتوقع الهيئة من خلال هذه الترقية زيادة في التدفقات الاستثمارية المؤسسية المتوسطة والطويلة الأجل تساهم في رفع كفاءة السوقين، ومبادرة جهات مالية واستثمارية عالمية وشركات بحوث إلى إجراء دراسات وتحليلات للسوقين الإماراتيتين مع إتاحة هذه الدراسات والتحليلات لقاعدة كبيرة من الزبائن والمستثمرين حول العالم.
واستطاعت الهيئة وخلال فترة زمنية قصيرة توفير المتطلبات اللازمة لتطوير آليات عمل السوقين بما يحقق مزيداً من الكفاءة والاستقرار والعدالة في التعاملات إضافة إلى استيفاء كل متطلبات الترقية، خصوصاً توفير البيئة الاستثمارية والتشريعية المتطورة والمتضمنة أنظمة من شأنها الحفاظ على حقوق المستثمرين وحماية استقرار الإطار المؤسسي من أجل تعميق قاعدة السيولة وتوسيعها من خلال اجتذاب مزيد من المستثمرين الدوليين، علماً أن معايير الترقية استندت إلى محاور، في مقدمها الانفتاح على الملكية الأجنبية وحرية دخول الأموال وخروجها، واستقرار الإطار المؤسسي، وفاعلية الإطار التشغيلي، والالتزام بمعايير الحوكمة. وتشمل المحاور أيضاً حجم السوق وتوافر ثلاث شركات لا تقل قيمتها السوقية عن 500 مليون دولار وارتفاع معدل دوران أسهمها عن 20 في المئة، إضافة إلى المؤشرات العامة الجيدة للاقتصاد.
ومن اجل تنويع الأدوات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين ودعم الاستثمار المؤسسي وزيادة عمق الأسواق، أصدرت هيئة الأوراق المالية الإماراتية العديد من الأنظمة (اقتربت من حاجز ٥٠ نظاماً)، منها نظام «صانع السوق» وهو الأول من نوعه على مستوى أسواق المنطقة، ويعزز إصدار هذا القانون وجود منتجات مالية مهمة مثل المشتقات والعقود الآجلة ويعزز التداول بأسهم الشركات التي تعاني ضعف السيولة.
يضاف إلى ذلك إصدار أنظمة داعمة، منها أنظمة البيع على المكشوف، وإقراض الأوراق المالية واقتراضها، و»مزوِّد السيولة»، وصناديق الاستثمار، ونظام حقوق الاكتتاب، ونظام التسليم في مقابل الدفع، ونظام «الحفظ الأمين»، ونظام التداول بالمهمش، ناهيك عن إصدار تعديلات على نظام الوسطاء وإصدار نظام إدارة الاستثمار الذي يعد أساسياً لاستكمال منظومة التشريعات المتعلقة بصناديق الاستثمار.
وأقرت الهيئة نظام الأذون المغطاة الذي يوفر أيضاً أداة استثمارية جديدة للمستثمرين ما يساهم في زيادة عمق الأسواق.
ومن اجل حفظ حقوق المتعاملين أصدرت قانون فصل حسابات الوسطاء عن الزبائن وقانون الاستشارات المالية والتحليل المالي.
ومن الإنجازات التي حققتها الهيئة تلك القائمة في مجال الإفصاح والشفافية والحوكمة التي تضاهي لجهة التطور العديد من الأسواق المالية العالمية، سواء لجهة الفترات القانونية للإفصاح أو إعداد التقارير المالية وفق معايير المحاسبة الدولية والحد من الممارسات غير القانونية، وأهمها تسريب المعلومات الداخلية واستغلالها.
وتعكف هيئة الأوراق المالية الإماراتية حالياً على تحقيق هدف آخر وهو ترقية سوقَي الإمارات من ناشئة إلى متقدمة، على غرار سوقَي لندن وباريس، خلال فترة زمنية قد لا تتجاوز أربع سنوات وفق أسس علمية ومنهجية في ظل توافر بنية تحتية تشريعية تتماشى مع معايير الأسواق المالية المتقدمة.
وتتوافر معلومات تؤكد ان الهيئة وضعت جدولاً زمنياً وخططاً واضحة في شأن الآليات والأنظمة والتشريعات والإجراءات والمعايير الخاصة بالأسواق المتقدمة مثل بورصات نيويورك ولندن وباريس وفرانكفورت لتحقيق هذا الهدف الكبير والذي يتوقع تحقيقه خلال عام 2018.
نقلا ن جريدة الحياة