مليون أسرة تسكن بالإيجار

15/04/2014 3
د. إحسان بوحليقة

مصادفة عجيبة، فلدينا قرابة مليون أسرة سعودية تسكن بالإيجار، حسب تعداد 2010، ومن جهة أخرى أظهرت إحصاءات مصلحة الإحصاءات العامة عن وجود 970 ألف وحدة سكنية شاغرة في المملكة، فهل هذا يعني أن لدينا فائضًا؟ وأن كل ما قيل عن تدني نسبة تملك السعوديين للعقار كان مجرد تهيؤات؟

يبدو أننا نحاول التصدي لمشكلة وسط نقص فادح في المعلومات؛ فمن منا يعرف ما عدد المنازل المعروضة في السوق السعودي موزعة على الحواضر ووفقاً لنوع المسكن؟ ومن يملك هذه البيانات محدثة حتى نهاية الشهر الماضي؟

طرح هذه الأسئلة بسبب أن جلّ ما ينشر حول موضوع السكن في المملكة يرتكز إلى بيانات متقادمة.

كثيرون يشيرون إلى ما نادت به وتستهدفه الخطة الخمسية التاسعة، لكن الخطة تلفظ أشهرها الأخيرة، وحان الوقت للحديث عما حققته الخطة وليس عما تستهدفه، ثم إنك عندما تزور موقع وزارة الإسكان (على الإنترنت) تجده «خالي الذهن» من أية بيانات حديثة حول قضية الإسكان، ما ستجده خارطة المملكة موزعة إلى مناطق إدارية تبين مشاريع الوزارة.

لنفترض أن المنازل الشاغرة في مكة المكرمة هي لأغراض إسكان الحجاج ولنستبعدها، فهل يجوز اعتبار أن نحو 700 ألف وحدة هي متاحة لسكن من ليس لديه سكن؟ بالتأكيد لا.

أما الإحصائية الذهبية، التي كنت أتوقع أن نرصدها شهرياً، بالنظر للاهتمام الذي توليه الحكومة الموقرة لقضية الإسكان خصوصاً بعد تأسيس وزارة الإسكان وتخصيص 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية، أقول: إن الإحصائية الذهبية المطلوبة هي: كم عدد ما بنينا فعلاً من وحدات سكنية سواء من قبل جهات أو برامج حكومية أو من القطاع الخاص والأفراد، على أرض الواقع وتحديداً وليس توقعاً أو تقديراً؟ وعدد قطع الأراضي البيضاء المخصصة للسكن؟ 

الجميع يتحدث عن عدد الوحدات المطلوبة، وعن ندرة الأراضي لكن دون الارتكاز لإحصاءات دقيقة تُحدث شهرياً عن عدد الوحدات السكنية المتاحة حسب مواقعها في أنحاء المملكة، ومصنفة حسب النوع (شقق، دبلكسات متصلة أو منفصلة، وحدات مستقلة)، وموزعة كذلك حسب فئة الدخل المستهدفة أو حسب سعرها.

مثل هذه الإحصاءات ضرورية لتتبع التطورات في سوق السكن، ولمعرفة هل نحن نتقدم في حلحلة أزمة السكن أم أننا نتحدث عنها ونعقد المؤتمرات والندوات لتكرار ما سمعناه مرات؟

وقد يقول قائل: إن مزيداً من الإحصاءات لن تحل مشكلة السكن، وأقول: لكنها ستساهم في أن نفهم حجم المشكلة وإلى أين يتجه بنا الواقع؟ وعليه، فمن الضرورة بمكان أن ننشر بعض المؤشرات ذات الصلة بسوق الإسكان، بعضها يمكن أن ينشر شهرياً، وهو متاح حالياً لكنه متناثر أو لا يعرض كما يجب، منها على سبيل المثال عدد تراخيص البناء السكنية الممنوحة من الأمانات والبلديات في أنحاء المملكة، عدد الوحدات السكنية التي أطلق فيها التيار الكهربائي شهرياً، وغيرها كثير. وبذلك ستتضح الصورة. 

حالياً، الصورة ضبابية والسبب ندرة البيانات، وكما يتضح من المثالين أعلاه، ليس لعدم توفرها بل لعدم إتاحة تلك البيانات والحرص على وضعها في دائرة الضوء.

أما التقرير الذي قال: إن هناك 970 ألف وحدة شاغرة، فرغم أنه صدر عن مصلحة الإحصاءات العامة فلم تتلقفه وتوليه العناية إلا مطبوعة إماراتية!

أعتقد أن أزمة السكن التي نعايشها مثال صارخ لعدم توفير البيانات الدقيقة حتى عندما يتعلق الأمر بأكثر القضايا حساسية.

يظهر ذلك من بعض ما يعرض في التصريحات والندوات المخصصة حول الإسكان؛ فذات الأرقام المتقادمة يتكرر استخدامها، والإحصاءات الدقيقة والمحدثة مطلوبة ليس فقط لإشباع الفضول، بل لسبب أهم وهو ترشيد اتخاذ القرار وإدارة التوقعات سواء على المستوى الرسمي أو من قبل المستثمرين والمهتمين؛ فكما نعلم جميعاً، البيانات التفصيلية الحديثة والموثقة تزيل الضبابية لتبين تحديداً كيف يتحرك الطلب وكيف يماهيه العرض أو لا يماهيه؟!

نقلا عن جريدة اليوم