شركة الاستثمارات الصناعية «لتكن نواة صندوقنا السيادي للأجيال»

13/04/2014 1
د. أنور أبو العلا

لا أكاد أصدق أن تصل فجاجة التفكير لدى البعض - لا سيما من يعرف مبادئ علم الاقتصاد- بأن يطالب بربط مصير أجيالنا القادمة بما يسمونه الصندوق السيادي للأجيال القادمة.

فالطريق الصحيح لضمان وتأمين حياة أجيالنا القادمة هو بناء تنمية مستدامة بأيدي أبناء الوطن داخل الوطن.

مناسبة هذه المقدمة لزاوية اليوم هو استبشاري بالتصريح الذي نشرته جريدة الرياض (الملحق الاقتصادي) يوم الخميس 27 مارس 2014 لمعالي وزير المالية بتأسيس شركة الاستثمارات الصناعية السعودية برأسمال قدره 2.0 مليار ريال، وبأنه سينبثق عنها عشرون مشروعاً خلال الخمس سنوات الأولى من التأسيس بتكاليف قدرها 7.45 مليارات ريال.

إضافة إلى إنشاء بنية تحتية مساندة بتكاليف 5.60 مليارات ريال.

لتكن هذه البداية (نواة) تتبعها شركات استثمارية عملاقة اخرى لأستثمار فوائضنا المالية داخليا وليس الانصياع للدعوات الرعناء التي تطالب بتكوين حصّالة لأجيالنا القادمة.

لكن يجب ملاحظة ان نجاح واستدامة هذه الشركات مشروط بعاملين لا أدري أيهما يأتي أولاً ولكن يبدو أنهما صنوان لا يمكن تحقيق أحدهما دون توفر الشرط الآخر وهما:

أولاً ان تقام هذه الشركات على أسس تجارية (أي لا تكون عالة على إعانات الحكومة) فلابد أن يكون لها مردود صاف بعد خصم جميع تكاليف جميع عناصر الإنتاج بسعر السوق.

ثانياً أن تكون جميع عمالتها وطنية بأجور عادلة تتناسب مع الأجور التي يتلقاها موظفو أرامكو وسابك والبنوك وأن يعامل العاملون فيها بجدية وحزم منذ البداية، فالعود على أول زرقة (مثل تربوي مديني).

الذي يبدو واضحا من التصريح ان الشركة الأم (شركة الاستثمارات الصناعية) هي قاعدة (أو مرحلة اولى) لتهيئة وتجهيز المواد الخام والأولية لتكون مواد وسيطة يتم استخدامها في مشاريع صناعية لصناعة منتجات شبه نهائية تدخل كأجزاء في صناعات أخرى (ككفرات ومقاعد وزجاج السيارات، وقطع الغيار المختلفة في صناعات أخرى وهكذا) وليس من اختصاصها صناعة منتجات نهائية أو شبه نهائية فهذه المهمة تركت للمشاريع الصناعية المنبثقة وما سينبثق عنها في المستقبل.

فالمتوقع ان تتلوها شركات استثمارية صناعية أخرى كنقطة انطلاق لمشاريع صناعية أخرى لصنع منتجات وصناعات نهائية.

نحن لا ينقصنا رأس المال ففوائضنا المالية ضخمة وتتراكم في الخارج لا يستفيد منها اقتصادنا الوطني وأمامنا ثلاثة خيارات للاستفادة منها:

أولاً: الاستمرار في وضعنا الحالي باستثمارها في استثمارات آمنة ومضمونة تدر عائدات وإن كانت صغيرة نسبياً إلا أنها معروف مقدارها ومضمونة. إضافة إلى أنه يمكننا السحب منها في أي وقت نحتاجه من غير أن نخشى حدوث خسارة أو نقص في رأس المال.

ثانيا: الاقتداء بالكويت (الدولة الوحيدة التي لديها صندوق للأجيال وقد أثبت فشله الذريع بأن يكون مصدر دخل للأجيال القادمة) باستثمارها في أصول خارج أرض الوطن مهما ارتفعت عوائدها فلن تزيد عن الاستثمارات الحالية إلا بالفتات.

بينما تصعب إدارتها وتحتاج إلى تكاليف إدارية ومتابعة وليس من السهل السحب منها بل قد نضطر لتسييلها بخسارة عند الحاجة إليها.

إضافة إلى أنها عرضة للتلاعب والمخاطر وضياع كامل رأس مال الحصّالة.

ثالثا: إقامة شركات استثمار صناعية عملاقة على غرار سابك، وشركة الاستثمارات الصناعية الجديدة للاستثمار في سلسلة مشاريع متكاملة لصناعة منتجات متنوعة داخل الوطن.

سأؤجّل الحديث الآن عن تفاصيل سلسلة هذه الشركات الصناعية المتكاملة، وأختم بالقول إنه آن الآوان الآن لتحويل وكالة الصناعة إلى وزارة.

نقلا عن جريدة الرياض