احذروا الغزلان أو الفيله البيض

20/03/2014 6
وليد عرب هاشم

الفيله البيض هو مصطلح يتم اطلاقه على المشاريع الضخمة ذات الاستثمارات الكبيرة، والتي لا تحقق الاهداف التي تأسست من اجلها ويضيع ما تم استثماره فيها، وبصفة عامة فان هذه المشاريع تكون في القطاع العام، فالقطاع الخاص احرص على ماله واستثماراته ونادرا ما يقع في فخ (الفيلة البيض) وإن كان هذا واردا لان هذه المشاريع عادة ما تكون جذابة للغاية وتعطي انطباعا بالعظمة وتدغدغ المشاعر والعواطف لتغرينا املين في تحقيق الاحلام وانفاق المليارات قبل أن نكتشف أن هذه ليست سوى احلام وليس لها أي جدوى ولا يمكن أن تستمر.

وفي الاقتصاد السعودي حيث تصرف الدولة آلاف المليارات وليس فقط المليارات وترعى أو تؤسس أو تدعم كل قطاعات الاقتصاد من المواصلات إلى الاتصالات إلى الصحة والتعليم، لا بد أن يكون لدينا مشاريع فشلت أو (فيلة بيض) فنحن لسنا دولة من الملائكة وبالتالي لا بد أن تكون لدينا اخطاء.

وهذا يذكرني باكبر (فيل ابيض) في تاريخنا المعاصر، حين قام قبل نحو خمسة وعشرين عاما احد افضل مديري جامعاتنا، وهي ايضا من أفضل الجامعات (ولكن لكل جواد كبوة) وأعلن امام حفل كبير يضم اعلى المسؤولين بأن لدينا من المياه ما يفوق ما لدى جمهورية مصر العربية وأن في جوف اراضينا يجري نهر اعظم من نهر النيل، وبالتأكيد دغدغ هذا الاعلان، أو بالاصح التأكيد، مشاعرنا ونحن بلد معظمه صحارى ونحلم بالمروج الخضراء وعلى اساسه بدأ مشروع كبير لاستخراج هذه المياه وزراعة القمح، ليس فقط للاكتفاء الذاتي وانما لتكون هذه المملكة الصحراوية بلدا تنتج وتصدر القمح وبالرغم من نصائح بعض المخلصين والمختصين مضت الدولة في تحقيق هذا الحلم الجميل واستثمرت مئات المليارات ولكن كما هو متوقع تحطمت الأحلام على صخور الواقع، وكدنا أن نستنفد مياهنا الجوفية قبل أن نتراجع في هذا المشروع.

وفي زمان اقرب، قام ايضا احد افضل مديري جامعاتنا وهي ايضا من أفضل الجامعات، ولكن مرة اخرى لكل جواد كبوة وصرح بأننا نجحنا في تصنيع سيارة محليا وبأيد سعودية واطلق عليها اسم (الغزال)، وبالرغم من غرابة هذا الادعاء، فصناعة السيارات لا تهبط علينا من السماء وانما تقوم على مئة صناعة مساندة وداعمة، ولكن دغدغ هذا الادعاء مشاعرنا بأننا ننام ونقوم كدولة صناعية تنتج السيارات كما كنا نأمل أو نحلم أن نكون دولة زراعية وكاد «حلم» الغزال أن يتحول إلى فيل ابيض جديد لولا لطف الله، فالدولة لم تستثمر فيه والقطاع الخاص أحرص من أن يضع ريالا واحدا قبل أن يرى دراسات جدوى وخطط تسويق وجداول تدفقات نقدية، ويبدو أن ايا من ذلك لم يتوفر وبالتالي تبخر حلم الغزال دون أي خسائر مادية تذكر ولكن بالطبع خسرنا مصداقية وسمعة واصبحت قصة الغزال ندرة يتندر بها كثيرا.

وحاليا عندما نسمع بأننا سنقضي على مشكلة الاسكان وسيتم خلال سبعة اشهر فقط توفير سكن لمن انتظروا سنين أو عشرات السنين، أتمنى أن لا يكون هذا الطموح مثله مثل طموحنا السابق بأن نكون دولة زراعية تصدر القمح أو دولة صناعية تنتج السيارات، فيجب الحذر من مصيدة (الفيله البيض) وبالذات عندما تكون لدينا والحمد لله مشاريع عديدة وايرادات ضخمة وفوائض مالية كبيرة.

نقلا عن جريدة عكاظ