ذكرت في مقالي السابق أن 90% من دخل الدولة هو من النفط وهي نسبة عالية ولكن ليست هي المشكلة بل المشكلة الرئيسية هي أن الصادرات غير البترولية لا تتجاوز 14% من مجموع الصادرات البترولية ومشتقاتها و30% فقط من مجموع الواردات ما يعني أن توفر العملة الأجنبية يعتمد أساسا على النفط وهذا ما يجعل استقرار العملة الوطنية (الريال) مرتبط حتى الآن بمستقبل المملكة كدولة نفطية وهو ما يستدعي تنشيط الصادرات غير النفطية.. يتسأل لماذا الصادرات وليس دخل الدولة هو القلق وماهي معيقات نمو الصادرات غير المحلية.
الجواب أن حجم الاقتصاد العام أهم من ميزانية الدولة فدول قد تضحي وتزيد من إنفاقاها لرفع الاقتصاد العام وغالبا ما ينتج من ذلك عجز في الموازنة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي وأضيف أن دولة نامية مثل السعودية تمتلك عملة لا تعد من أكبر عملات العالم تداولا إذا لا بد أن تحرص على سلامة ميزانها التجاري.
المعيقات... بالنظر لأي دولة تكون صادراتها أعلى من واردتها تجد الأسباب هي أولا امتلاك البلاد لموارد طبيعية (مثل المواد الخام) مصحوبة بموارد بشرية ذات كفاءة عادية أو دون الوسط ولكن بكثافة سكانية عالية تكون في حالة دخل منخفض مثل الصين أوالبرازيل، أو تمتلك موارد ذكية (مراكز أبحاث وبنية تحتية للصناعة التقنية من مجمعات ضخمة تكون هي عصب الاقتصاد العام في التوظيف والاستهلاك) مصحوبة بموارد بشرية ذات كفاءة عالية وثانيا وجود طاقة تغذي التوسعات والإنتاج العام.
بالنسبة للنقطة الأولى الاعتماد على الموارد الذكية فهي أكثر استقرار وتوازن مثل دول منطقة اليورو (ألمانيا، فرنسا) لعدة أسباب أولا أن ارتفاع الدخل العام للفرد يزيد الكفاءة الإنتاجية وهو مرتبط بالنمو العام لأنه أقل تأثرا بزيادة أسعار المدخلات كما أن تلك الدول تمتلك بنية تحتية قوية لتقليص الاعتماد على استيراد البترول مثلا (فرنسا تنتج 75% من مجموع طاقتها الكهربائية من مفاعل (أريفا) النووي) ولكن الاعتماد على الموارد الطبيعية والكثافة البشرية (العمالة الرخيصة) أكثر عرضة للتذبذب نظرا لحساسية ارتفاع المدخلات وأن ارتفاع دخل الفرد والعامل يشكل تكلفة مباشرة وضغط على الهوامش الربحية وعدم امتلاك تلك الدولة لبنية تحتية قادرة على مواجهة تزايد الطلب على الطاقة لرفع الإنتاجية يجعلها عرضة للاستيراد وكما ترون الصين مؤخرا فقدت قدرتها للحفاظ على ميزان تجاري موجب (أصبحت وارداتها أعلى من صادراتها).
الآن نذهب للصناعة في السعودية (باستثناء صناعة البتروكيماويات) فهي لا تزيد عن ورش في أغلبها كما يذكر المراقبون وبرغم عدد المصانع التي يصل إلى 6471 مصنعا فإن عدد السعوديين المرصود في الصناعات التحويلية لا يزيد عن 16% من مجموع القوة العاملة في هذا القطاع و لا يتجاوز 12% من مجموع القوة العاملة السعودية لدى القطاع الخاص، والأسباب واضحة وهي أن الصناعة السعودية في أغلبها تقوم على عمليات تحويلية بسيطة بالإضافة يعد توسعها عبئ من حيث استهلاكها للطاقة – الطاقة للمصانع في السعودية إما كهربائية تنتج بغالبها من النفط بأسعار مدعومة أو الغاز كمصدر للطاقة - ما يعني أن الطاقة في السعودية تكاليفها وقيمتها الاقتصادية من نفط قابل للتصدير أو غاز قابل للاستخدام في صناعات كلقيم هو أكثر جدوى من استخدامه كمصدر لصناعة الطاقة المحلية السعودية ولأنها صناعة بسيطة فهي لا تتطلب موارد بشرية ذات كفاءة عالية وغالية بل العكس تعتمد على العمالة الرخيصة وهذا ما لا يناسب دخل الفرد السعودي وسلة استهلاكاته.
توجه السعودية للطاقة البديلة ليس فقط توجه لترشيد الاستهلاك المحلي من النفط الخام بل لتغذية الصناعة المحلية بالطاقة المجدية اقتصاديا وأيضا رفع المستوى التقني والصناعي للصناعة المحلية، هل يجب أن يكون هناك دعم الجواب بنعم عبر دعم مراكز الأبحاث للشركات وتغذيتها سواء بالمواقع وتسهيل توطين الخبراء وسهولة دخولهم للبلاد وتيسير القروض لهذه المشاريع لأني لا أعول على الجامعات السعودية للأسف لأني لا آراها أكثر من دوائر حكومية برغم محاولة الدكتور العثمان في جامعة الملك سعود من إحياء مراكز بحثية وتطبيقية.
نقلا عن جريدة الرياض
ولا زلتَ متعلقاً بالعثمان بعد فضائح التقييم و"غزال1"؟ نعم جامعاتنا بحاجة للاستقلال عن بيوقراطية الحكومة لكن قطاع التعليم والتدريب المهني بحاجة ماسة لهيكلة جديدة ورفع مستوى الخريجيين ليناسب سوق العمل. المستقبل واعد غي الصناعات التحويلية المعتمدة على المواد الأساسية التي نننتجها وكذلك على تصدير الطاقة البديلة.
موضوع مهم جداً ،تستحق عليه التقدير والاشادة - سهل حجازي
لو استثمرنا فوائض الميزانية (( 2700 مليار ريال )) بمتوسط عائد 4% سوف نحصل سنوياً على 108 مليار ريال وهذا يعادل ميزانية وزارة الصحة لعام 2014 أو نصف ميزانية التربية والتعليم .. فلماذا لا نستثمر تلك الفوائض المالية كما فعلت النرويج ؟.