مبررات اقتصادية هائلة لرسوم الأراضي

25/02/2014 15
د. عبدالرحمن محمد السلطان

هناك اتجاه في العديد من دول العالم لفرض رسوم واجبة الدفع سنوياً على الأراضي غير المستغلة داخل النطاق العمراني للمدن، وهذا التوجه مدفوع بالكفاءة العالية لهذه الرسوم في تحقيق مميزات هائلة أبرزها التالية:

1 - إنها تستهدف ثروة غير منتجة ومعطلة تماماً، بالتالي فتعريضها لرسوم لا ينتج عنه أي أثر سلبي على النشاط الاقتصادي.

على سبيل المثال، عندما تفرض ضريبة على دخل الفرد فقد يدفعه ذلك إلى عدم العمل أو العمل ساعات أقل، بينما ليس هناك أي إمكانية لحدوث تأثير من هذا النوع عند فرض رسوم على أراضٍ معطلة وغير مستغلة.

2 - إنها تحد من جدوى الاحتفاظ بالأرض بغرض المضاربة، ما يسهم في خلق توازن حقيقي في سوق العقارات، بحيث تتراجع أسعار الأراضي بنسب تعتمد على مدى تضخم أسعارها قبل فرض هذه الرسوم وعلى معدلات الرسوم التي يتم فرضها.

3 - إنها أداة فعَّالة وعالية الكفاءة للحد من النمو العشوائي للمدن والتشتت الذي يحدث لها بسبب ارتفاع أسعار الأراضي، نتيجة اضطرار الكثيرين لشراء أراضٍ بعيدة والبناء عليها بسبب تدني أسعارها نسبياً، والذي ينتج عنه ارتفاع كبير في تكلفة إيصال الخدمات إلى أحيائها المتباعدة ويجعل إدارتها أكثر صعوبة.. فمن خلال فرض رسوم ترتفع نسبتها كلما قربنا من مركز المدينة، يصبح لدينا آلية تدفع نحو استكمال البناء في الأحياء القريبة لمركز المدينة وتتباطأ وتيرة البناء كلما بعدنا عن مركزها، فينتظم عمران المدينة وتتلاشى الأراضي غير المستغلة داخلها.

4 - إن لهذه الرسوم تأثيراً إيجابياً على خيار توقيت تطوير الأرضي غير المستغلة، فإن كان الخيار أمام المالك بين تطويرها الآن أو الانتظار، فإن فرض رسوم سنوية عليها يدفعه إلى حسم قراره بالتطوير أو بيعها تفادياً لدفع مزيد من الرسوم عليها.

5 - إن عبء هذا الرسم يقع بالكامل على كاهل صاحب الأرض، ولا يوجد لديه أي وسيلة لنقل هذا العبء إلى آخرين.

على سبيل المثال، عبء رسوم المباني مثلاً من السهل جداً نقله إلى المستأجرين من خلال زيادة الإيجار، أما رسوم الأراضي فهي عبء يتحمله المالك سنوياً ولا يستطيع تفاديه إلا من خلال البناء عليها أو التخلص منها ببيعها، وكلما زادت هذه الرسوم كلما زاد الضغط عليه لبيعها وأصبح أكثر استعداداً لقبول سعر أقل ثمناً لها تفادياً لدفع مزيد من الرسوم عليها.

6 - إن الارتفاع في قيمة الأرض غير المستغلة ليس نتيجة لجهد قام به مالك الأرض، وإنما نتيجة جهود الدولة في بناء الطرق وإيصال الخدمات، ونتيجة لنمو المدينة الذي أسهم به جميع سكانها، بحيث أن أرضاً كانت بعيدة عن المدينة أصبحت الآن ضمن نطاقها العمراني ما سمح بحدوث ارتفاع كبير في سعرها.. من ثم ففرض رسوم عليها يضمن حصول مجتمع المدنية على عائد مستحق له لقاء ما قام به من جهد أنتج هذا الارتفاع في سعرها، بدلاً من أن تكون الفائدة مقصورة على من لم يسهم بأي جهد في تحقق ذلك وهو المالك.

7 - إن هذه الرسوم لا تؤثر إطلاقاً على خيارات الاستثمار أمام المالك، فأي استثمار سكني أو تجاري في هذه الأرض سيعفيه من دفع رسوم عليها، بينما الرسوم الأخرى تتسبب في تشويه خيارات الاستثمار.. على سبيل المثال، فرض رسوم أعلى على المباني التجارية مقارنة بالمباني السكنية يدفع باتجاه مزيد من المباني السكنية.

وللحديث بقية..

نقلا عن جريدة الجزيرة