يقال إنه يوجد دراسة علمية تم تقديمها في منتدى الرياض الاقتصادي (العهدة على الاستاذ -الغني عن التعريف- راشد الفوزان جريدة الرياض الاثنين 16 ديسمبر 2013) تشير الى أن أهم أسباب انتشار الفساد يعود الى ضعف الوازع الديني بنسبة 87.9%.
بعد هذا الخبر رأيت عدة مقالات وتقارير تتحدث عن ضعف الوازع الديني وفي كل مرة - بغض النظر عن مستوى الدراسة المشار اليها - يزداد احساسي بأن عبارة: "اهم اسباب انتشار الفساد يعود لضعف الوازع الديني بنسبة 87.9 %" هي في حد ذاتها عبارة خنفشارية وليست عبارة علمية.
ضعف الوازع الديني هو شماعة معنوية رخيصة، لتبرير عجز وتكاسل بعض الباحثين عن التوصل الى معرفة (أو ذكر) الاسباب الملموسة الحقيقية في انتشار الفساد، الذي اصبح منتشرا في ثقافتنا الى الحد الذي جعل البعض رغم حسن نيتهم يمارسون بعض انواعه من غير ان يعرفوا ان ما يمارسونه نوع من انواع الفساد بل اطلقوا عليه بعض الصفات االتبريرية، كالشفاعة الحسنة ويا بخت من نفع واستنفع وما يشبه ذلك من التعبيرات التي تسوّغ لنا ان نقول ما لا نفعل، ففي الوقت الذي نستنكر على الآخرين بعض أفعالهم التي نبيحها لانفسنا تحت مسميات اخرى من غير ان نشعر بالخطأ.
يجب على القائمين بالدراسات العلمية ان يبتعدوا عن ميولهم الشخصية، واحكامهم العاطفية المسبقة فلا يلجؤوا لاستخدام عبارات مائعة لا يفهم منها ماهو المقصود، فكيف تسنى للدراسة قياس ضعف الوازع الديني لدى المفسدين وان تضع له نسبة معينة، فالوازع الديني هو قاسم مشترك لا يخلو منه اي تصرف بشري فكل شر نستطيع من غير ان نقوم بدراسة ان نقول انه يرجع لضعف الوازع الديني او الاخلاقي او التربوي لنتخلص من عجزنا عن معرفة الاسباب الحقيقية ومن ثم عدم قدرتنا على ايجاد العلاج.
من التساؤلات التي تواجهنا هل انخفاض نسبة الفساد في بعض الدول الاخرى يرجع الى قوة الوازع الديني او الى فرض القانون.
اذا كان حقا ان ما نسميه ضعف الوازع الديني له هذه الاهمية العظمى في انتشار الفساد لدينا فأول سؤال يتبادر الى الذهن هو ما هو اذن العلاج الذي تقترحه الدراسة لتقوية الوازع الديني هل نحتاج الى زيادة حصص الوعظ في مدارسنا ومساجدنا وقنواتنا الاعلامية بدلا من ان نفعّل هيبة سطوة وسلطان القانون وهل من الاجدى ان نحول هيئة مكافحة الفساد الى جهاز اكاديمي وعظي لتدريس الوازع الديني بدلا من جهاز اداري تنفيذي قادر على تتبع وكشف عمليات الفساد ووضع العقوبات الرادعة لها.
قبل ان نختم نريد ان نؤكد انه ليس المقصود الدراسة بذاتها فقد تكون نتائجها الاخرى جيدة ومفيدة وانما فقط المقصود هو عبارة ضعف الوازع الديني التي اصبح يرددها كثير من الكتاب والمسؤولين حتى اصبحت اكليشة نتحجج بها لتبرير كل تقصير.
نقلا عن جريدة الرياض
مقاله تستحق القراءة
مقال ممتاز جزاك الله خير واعتقد انه نابع من قوة الوازع الديني لديك :)
يقول الله سبحانه وتعالى ﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ فالتواصي بالحق ركن أساسي من أركان الدين فاذا نمأ وقوي الايمان عند الانسان ضعف الباطل وقوي الوازع الديني لديه وعمل صالحا يرضاه الله وحسن فعله وبارك الله له فى رزقه وعمله.
مبرر ضعف الوازع الديني مجرد حجة لتفعيل استمرار الفساد وفقدان المحاسبة على السرقات.
طيب ليش المجتمعات التي ينتشر فيها الالحاد يكاد ينعدم الفساد؟...انا اعتقد ان الفهم الخاطىء للدين هو سبب انتشار الفساد فالعمل باحاديث مكذوبة وتناقض القرآن والتي تسهل للمسلم ارتكاب الفساد مثل الجمعة للجمعة كفارة ومن حج رجع كيوم ولدته امه الخ . معظم الفاسدين الذين عرفتهم هم من الملتزمين بممارسة الطقوس الدينية ولا اقول العبادات لان من يتعبد حقا فستنهاه عبادته عن الفحشاء والمنكر.
أخي الفاضل ذلك أن الدول التي تحولت إلى الإلحاد عاشت في عصر قريب ذو مرارة، وكان رجل الدين يتحكمون في كل شي ويحرمون كل شي لمصلحتهم حتى قامت الحروب وأنتشر سفك الدماء بين بعضهم وساد الفقر ولم يبقى في عيشه هنيه إلا هم ورجال الدوله، حتى الفلسفه كانت بمثابة الكفر لديهم. ولكن عندما تثقفت شعوبهم أنتقمت من الدين - ليس في الدين عيب- إنتقام من رجال الدين الذين أستولو على كل شي في عصر ماقبل النهضه الصناعية وشوهو الدين. نحن اليوم نعيد تاريخهم بسبب رجال الدين. الإسلام في خطر بسببهم وكما أكثر شي يضحكني هو رجل يتكلم عن الدين والاحاديث إلى آخره كأنه ملك كريم. وهو أحد أكبر الفاسدين بالإرض تكبرا وعلوا، تشريع قانون وتطبيقه على الكبير قبل الصغير هو الحل الوحيد والإيمان لنفسك ومال العام للجميع. الله جل علاه جعل الارض تحت إدارة بني أدم وإشرافه ذلك أنه ذو عقل وإدراك ولكن الكثير منهم يبحث عن الشهوات كون لايوجد رادع مهين.
وتعليقي في السطر الأخير، تقصد من يؤمن إيمان فعل وقول هو الذي بتجنب الكبائر خصوصا أكل حقوق الناس، وفي الخاتمة البشر معادن والجنه ورضى الرب سلعة غاليه جدا لاينالها إلا القليل من القليل تلك الأرواح الطيبه الطاهرة. والشكر العميق لك كون ردك أثلج صدري أخوك .
تعليقك ممتاز جريء ويتضمن رغم الإيجاز معاني عميقة. لا أتفق معك في أن الفساد ينعدم مع انتشار الإلحاد. هناك دول ملحدة وفاسدة. شر من الإلحاد هو الإلحاد المركب. وهو أن يجعل الدين عباءة لمصالح الدنيا. الجمعة إلى الجمعة ورمضان والعمرة مقيدة بقول (إذا اجتنبت الكبائر) وحقوق الله مبنية على المسامحة أما حقوق العباد فمبنية على المشاحّة. وسيدنا أبو بكر رضي الله عنه أمر بإخراج رواتبه من تركته توضع في بيت المال.
كثيرا ما سالت نفسي عندما اقراء هذه العبارة في سياق كلما يتعلق بجريمة اوفساد ....ياتري ماذا يقصدون؟؟؟ أظن وان كان بعض الظن إثم انه هروب او تحاشي لنقطة التماس !!! ياتري من هو القوي او الضعيف بهذ الوازع ....(متدين لا تشك فيني) وهل القضاة وكتاب العدل الذين نسمع عن حركاتهم ليسو متدينين أعوذ بالله من ذلك
لا يصح عكس الفقرة , بحيث إذا عدم الفساد بمجتمع دل على تدينه, لأن ضعف الوازع الديني ليس سبباً وحيداً . ولو سلمنا لك الاعتراض على هذه للزمك التسليم بأن ضعف الروح الوطنية لاعلاقة لها أيضا بالفساد . فكلاهما أمور معنوية.
لو ركنا إلى ذمم الناس وضمائرهم والوازع الديني فكيف نفسر محدودية الفساد في دول الغرب الكافر كما نزعم.. والحقيقة أنه كما تفضلت وقلت القانون ثم القانون ثم القانون. ولو أحببنا الاستئناس بتراثنا فإن هناك مقولة مشهورة تنسب إلى عثمان رضي الله عنه تقول :( إن الله يزع ( يردع ) بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ) هذا وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثو عهد بعصر النبوة ، وتربوا على هديها، وإنما النفس البشرية لا تكاد تفارق طبيعتها ، وحب المال مركوز في جبلة البشر، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه : (( وتحبون المال حبا جما )) . فعن أي وازع ديني يتحدثون، ومجمتعنا يوصف _ إن حقيقة أو وهما _ بأنه مجتمع محافظ أو متدين، فهل أغنى عنه ذلك شيئا ، وهل منعه ذلك من استشراء الفساد فيه؟؟
يقال ( ان الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن ) ..... فرض سلطة النظام وتطبيقه بقوه على الكبير والصغير كفيل بردع من تسول له نفسه بالفساد من اي نوع .
الله ينور عليك ياعم أنور ما كتبته يدل على فهم وغستيعاب لمقاصد الدين الحنيف اتفق معك 100%
إستيعاب تعديل