أعود للاجابة عن السؤال: هل اكتشاف النفط الصخري بكميات هائلة في الولايات المتحدة وسواها من البلدان وإنتاجه أمر مُهدد يجب أن ترتعد له فرائصنا؟ على صلة بالسؤال نظرية تتبلور مع بزوغ شمس النفط الصخري، وهي: للولايات المتحدة النفط الصخري ولنا الصين! تعتمد الصين علينا في تلبية ثلث وارداتها من النفط، ولتلهو الولايات المتحدة الأمريكية بنفطها الصخري كما يحلو لها.
ويمكن لأصحاب وجهة النظر هذه الاستناد إلى أن واردات الصين إلى نمو لن يتوقف قريباً، مما يعني أن لا فكاك لها من الاعتماد على الاستيراد لسنوات طويلة قادمة، مما يجعلها تسعى لصياغة تفاهمات استراتيجية لضمان تدفقات كافية دونما انقطاع.
فضلاً، عن إدراك الصين أن بلدانا قليلة بوسعها تلبية احتياجاتها المتعاظمة من الطاقة، وعلى رأس القائمة نحن.
وإدراك الصين لتلك الحقيقة يجعلها تسعى لبناء علاقات اقتصادية أكثر عمقاً مع المملكة، فهي تدرك أن لتعاونها ذاك آفاق اقتصادية وجيوسياسية بالضرورة، بالنظر لدور المملكة في التجارة النفطية خصوصاً والعالمية إجمالاً، كما أن المملكة تسعى لتنفيذ برنامج تنموي بتكاليف رأسمالية قوامها مئات المليارات.
وفوق كل ذلك، غدا واضحاً أن الصين ليست في وارد الاحتكاك أو التنافس مع الولايات المتحدة، على الأقل في المستقبل المنظور، كما أن الولايات المتحدة لا تريد استفزاز المارد الصيني لأكثر من سبب، منها ما يتعلق مباشرة بالنفط الصخري! فأعين الشركات الأمريكية على تطوير مكامنه في الصين، فجميعها وقعت عقوداً للتنقيب عن النفط الضخري هناك، إذ يقدر ما تختزنه جيولوجيا الصين منه بأنه الأكبر في العالم.
كل ما تقدم لا يوحي بضرورة "ارتعاد الفرائص" في المستقبل القريب، لكن ماذا عن تأثير زيادة حصة النفط الصخري (الضيق، كما يسمى) على حصة النفط التقليدي؟ وهل سينافسه ليخرجه من السوق فيصبح سلعه بائرة فنعود للصيد ورعي الماشية، كما يريد البعض ان يتصور؟ الفترة حتى العام 2020 آمنة فيما يبدو، بسبب ارتفاع تكلفة استخراج النفط الصخري من جهة، وأخذاً بالاعتبار أنها لن تنخفض في المستقبل المنظور لتنافس تكلفة استخراج نفطنا، الذي توجد مكامنه في حقول ويستخرج من آبار.. فيصبح من المعقول القول إجمالاً أن الطلب على النفط الصخري يزيد عند توافر شرطين:
(1)زيادة الطلب العالمي نتيجة لانتعاش الاقتصاد العالمي، بمعنى أنه سيأخذ من "النمو" وليس من الأساس، فإن لم يك هناك نمو، ففي حال حدوث انكماش أو تباطؤ يؤدي لتراجع الطلب على النفط وبالتالي تراجع سعره، فسيكون النفط الضخري أول الخاسرين باعتبار أن منتجيه لن يستطيوا بيعه بأسعار متدنية، وهناك من يروج لفكرة أن زمن الطاقة «الرخيصة» قد ولى في محاولة للتحوط ضد مخاطر هبوط أسعار النفط، وبالتالي انضمام النفط الصخري لأول البضائع الكاسدة.
(2) استمرار الانفاق العالي للدول الرئيسية المنتجة للنفط، وبالتالي احتياجها بيع نفطها بأسعار متصاعدة لتغطية احتياجات تمويل ميزانياتها.
وهذه النقطة ارتكازية؛ فقد حيد الانفاق المتصاعد إلى حدٍ بعيد ميزة التكلفة المنخفضة جداً لاستكشاف واستخراج وتسويق نفطنا، إذ يلاحظ أن دول مجلس التعاون أصبحت تبني ميزانياتها بافتراض أن أسعار النفط لن تقل عن 80 دولاراً للبرميل.
لكن كيف سيكون الوضع بعد 2020؟.
نقلا عن جريدة اليوم