وماذا بعد العام ؟

30/01/2014 1
وليد عرب هاشم

هذا العام يبشر بانتعاش مستمر لاقتصادنا، فلقد تم إقرار ميزانية حكومية قياسية تجاوزت فيها المصروفات كافة ما ورد في الميزانيات السابقة، وبما أن اقتصادنا مبني على الإنفاق الحكومي، فإنه ــ والله أعلم ــ سينمو في هذا العام كما نما في السنوات السابقة مدفوعا بهذا الإنفاق الحكومي الضخم، وسينعكس هذا النمو على كافة قطاعات الاقتصاد، وبالذات قطاع الإنشاء أو العقار وكل ما يتعلق به، وذلك في ظل التركيز على دعم وتطوير هذا القطاع وتوفير مساكن للمواطنين، وأيضا من المتوقع أن يكون للأسهم ولسوق الأسهم نصيب وافر من هذا النمو، وبالذات ــ مرة أخرى ــ للشركات التي لها علاقة بالعقار مثل شركات الأسمنت أو التطوير العقاري، فهذه أكثر شركات تستفيد من الإنفاق المتزايد على الإسكان، ولكن هذا لا يعني أن باقي الشركات لن تستفيد، بالعكس، فمن المتوقع أن ترتفع أرباح وأسعار أسهم جميع الشركات بصفة عامة، وبالتالي فإن الفرصة مواتية للاستثمار في سوق الأسهم هذا العام، ولكن مع ذلك فيجب الحرص على عدم الوقوع في بعض «المصائد»، فهناك شركات لم تربح قط، وإنما استمرت تسجل خسائر سنوية، وهناك شركات أرباحها ضئيلة جدا، وقد تكون مضللة، وهذه الشركات تعتبر «مصائد» للمستثمر وعليه تجنبها والابتعاد عنها، فمهما ارتفعت أسهمها فمصيرها الانخفاض ــ والله أعلم.

أما خلاف هذه «المصائد»، فهناك كثير من الشركات التي لديها أرباح مستمرة وتوزع عوائد مجزية سنويا، وبالتالي هذه هي الشركات التي ممكن التركيز عليها والاستثمار فيها، فأسعار أسهمها وأرباحها مؤهلة للارتفاع خلال هذا العام ــ بإذن الله.

ولكن ماذا بعد هذا العام؟ قبل أن نبدأ بتحديد توقعاتنا للمستقبل، يجب أن نذكر بأن لا يعلم ما في الغيب إلا الله، وأن توقعاتنا للمستقبل تظل توقعات أو احتمالات متوقعة ومبنية على الأوضاع الحالية، وهذه الأوضاع ممكن أن تتغير وتتبدل في أي لحظة، فممكن ــ على سبيل المثال ــ أن يعم السلام منطقة الشرق الأوسط، أو ــ لا سمح الله ــ تعم المعارك، ولكل حالة انعكاس شديد ومختلف على مستقبل اقتصادنا، فكما ذكرنا يظل اقتصادنا معتمدا على عامل واحد وهو الإنفاق الحكومي، والذي ــ بدوره ــ معتمد على عامل واحد وهو إيرادات النفط، وبالتالي فإن أي تغير في إيرادات النفط سينعكس سلبا أو إيجابا وبشدة على اقتصادنا، وهذا يعني أن توقعاتنا لهذا الاقتصاد تظل حساسة جدا لأي تغيرات محلية أو إقليمية أو عالمية.

ولكن، وبعد هذا التنبيه، فإن التوقعات المحتملة والمبنية على الأوضاع الحالية تشير إلى استمرار انتعاش اقتصادنا بعد هذا العام، فالنفط ما زال متربعا على عرش الطاقة، والاقتصاد العالمي متعطش للطاقة، وبالذات في ظل النمو المتوقع للاقتصاد العالمي من اليابان إلى أوروبا إلى أمريكا، وأيضا من المتوقع أن يستمر القطاع العقاري لدينا في نموه، وخصوصا أن ملف السكن لن ينتهي في خلال عام أو عامين.

فلقد تراكم الطلب على السكن لعشرات من السنين، وليس من المتوقع مواجهة واستيعاب هذا الطلب في فترة زمنية وجيزة، وبالتالي من المتوقع أن يستمر انتعاش قطاع العقار ويدعم كل الشركات المتعاملة فيه، وأيضا من المتوقع ارتفاع الأسعار في اقتصادنا، فاستمرار عمليات تصحيح أوضاع العاملين والتركيز على السعودة سيؤدي إلى ارتفاع الأجور، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار ولو بنسبة أقل، وهذا يعني التضخم أو فقدنا لقيمة النقود، وبالتالي فإن هذه العوامل وغيرها جميعها تؤشر إلى جدوى الاستثمار، والى وجود قطاعات عديدة في اقتصادنا واعدة ومجزية للاستثمار في هذا العام، وفي الأعوام القادمة ــ بإذن الله.

نقلا عن جردة عكاظ