هل اكتشاف النفط الصخري بكميات هائلة في الولايات المتحدة وسواها من البلدان وانتاجه أمر مهدد يجب أن ترتعد له فرائصنا؟ باعتبار أن النفط هو مصدر الدخل الأول للخزانة العامة للدولة، وباعتبار أن الاقتصاد السعودي مرتكز على النفط بصورة واضحة مباشرة وبصور غير مباشرة ليس أقلها اعتماد القطاع الخاص على الانفاق الحكومي في تنفيذ المشاريع وسواها من الخدمات التي تطلبها الحكومة لتنمية البلاد ولتحفيز الطلب، وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي وما يتبعه من توليد للوظائف ولفرص الاستثمار.
قبل الاجابة التي قد لا يتفق معها البعض، لا بد من التذكير بأن السياسة النفطية السعودية منذ السبعينيات قامت على دعم استقرار سوق النفط باعتبار النفط سلعة استراتيجية تمثل شريان الحياة للاقتصاد العالمي.
وعلى صلة بهذه السياسة كان السعي لتلبية الطلب العالمي على الطاقة، الذي عادة يتذبذب هبوطاً وصعوداً تبعاً ليس للسعر ولكن للنمو الاقتصادي في الأساس، فكلما انتعش الاقتصاد العالمي زاد -بطبيعة الحال- الطلب على الطاقة (ومنها النفط) والعكس بالعكس.
وهذا يعني تذبذب إيرادات النفط هبوطاً وصعوداً، وقد عايشت الدول المصدرة للنفط، وخصوصاً تلك التي تعتمد خزاناتها العامة عليه كممول رئيس، أوقاتاً صعبة إبان الأزمات الاقتصادية نتيجة لتقلص إيراداتها، ولعل أبرز الشواهد هو ما كابدته الاقتصادات النفطية في الثمانينيات ثم تزامناً من الأزمة الاقتصادية في آسيا التي كادت تعصف بما اصطلح على تسميته (النمور الآسيوية)، ومعها الاقتصادات النفطية التي شهدت تدني سعر برميل النفط لما دون العشرة دولارات.
وهناك عوامل عدة أدت لتماسك أسعار النفط بعد تلك الحقبة، جلها جيوسياسي وليس بعيدا عن منطقتنا ولا سيما حروب الخليج الأولى والثانية واحتلال أمريكا للعراق؛ فقد أدت تلك الاحداث لزيادة مخاطر سلامة تدفق النفط، مما أضاف عملياً «علاوة جيوسياسية» على سعر البرميل.
لكن العنصر الاضافي المؤثر كذلك كان النمو غير المنقطع للاقتصادات الآسيوية إجمالاً وخصوصاً الهند والصين، وعلى وجه أخص الصين، التي صنعت معجزة اقتصادية دامت حتى الآن ثلاثة عقود، تجاوز النمو في معظم سنوات تلك الحقبة العشرة بالمئة، ما أدى لتماسك الطلب إلى حدٍ بعيد حتى إبان الأزمة المالية العالمية التي أشعلت فتيلها فضيحة تسنيد الرهونات العقارية المسمومة في الولايات المتحدة، فواردات الصين من النفط تضاعفت من نحو 3 ملايين برميل يومياً في الفترة من بداية 2009 إلى نهاية 2013، وخلال العام 2013 تجاوزت الصين الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مستورد الصافي للنفط في العالم، فمن المتوقع أن يتراجع صافي واردات أمريكا من النفط إلى قرابة 5 ملايين برميل نهاية العام 2014.
أما الصين، فيبدو أن نهمها للنفط لن يفتر في القريب، إذ من المتوقع أن ينمو طلب الصين من النفط إلى نحو 18 مليون برميل بحلول العام 2020، أكثر من 10 ملايين برميل منها ستستورد.
ورغم أن استراتيجية الصين في تلبية احتياجاتها من النفط المستورد تعتمد على التنويع الجغرافي، إلا أن المرتبة الأولى هي لنفط المملكة الذي تبلغ حصته ثلث وارداتها.
نقلا عن جريدة اليوم
تحليل صطحي, ونظرة تاريخية وليست تحليلية.
كلام صحيح ... لاجديد عند الكاتب مقالاته لا تضيف أي جديد