لاشك ان القطاع الخاص هو اللاعب الأكبر في اقتصاد الدول الحديثة فهو الموظف الأكبر للقوة العاملة الوطنية، وهو الممول الأول لإيرادات ميزانية الحكومة (بدفعه الضرائب)، وهو المنتج الأكبر للناتج المحلي الإجمالي، وهو الذي يقوم بعملية الاستثمار فينمو الناتج المحلي الإجمالي.
هل يقوم القطاع الخاص لدينا بهذه الاعمال التي تقوم بها جميع القطاعات الخاصة في العالم الحديث أم ان ما نسميه القطاع الخاص لدينا يقوم بعكس هذه الاعمال، فهو بدلا من ان يوظّف المواطنين يتحايل ليكرّس العطالة لأبناء الوطن، وهو بدلا من ان يدفع الضرائب لوزارة المالية يأكل شحم اكتافها ويتهمها بانها سبب تعثر المشاريع التي تجود بها عليه ميزانية الحكومة، وبدلا من ان يقوم بالإنتاج المستدام يقدم لنا خدمات ومنتجات استيراد وتجميع ويسميها صناعاتنا الوطنية، وبدلا من ان يقوم بعملية الاستثمار ينتظر الحكومة ان تبادر بالاستثمار ثم يطالبها ان تسلمه له لقمة سائغة والا يتهمها بانها تنافسه.
عندما نقول ان نصيب القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 58 % فإن اول ما يتبادر الى الذهن هو ان شأنه كشأن القطاعات الخاصة في الدول الأخرى بأنه الدّينامو المحرك للنشاط الاقتصادي بكامله، فهو الذي يموّل ميزانية الدولة بالإيرادات فتستطيع الحكومة بدورها ان توظّف وتدفع رواتب موظفيها وتنفق على خدماتها ومشاريعها غير الربحية والدفاعية، وهو الذي يوظّف ويدفع أجور (دخول) السواد الأعظم من المواطنين فيخلق القوة الشرائية لديهم التي ينفقونها بدورهم على شراء واستهلاك ما ينتجه القطاع الخاص محليا من السلع والخدمات بمواد وأيد وطنية فتكتمل الدورة الاقتصادية للريال ويعود مرة أخرى للقطاع الخاص، وهكذا يستمر الدوران وينمو الناتج القومي الإجمالي بدلا من ان يتزايد تحويل الجزء الأكبر من الأجور للخارج ويتلاشى الناتج القومي دورة بعد دورة لولا الانفاق الحكومي الذي يأتي من مصدر واحد (وأكرر مصدر واحد لا ثاني له) كهبة من الله بمجرد انقطاع هذا المصدر او انخفاضه سينقطع او ينخفض الانفاق الحكومي وبدوره سينقطع او ينخفض القطاع الخاص.
هذا وصف موضوعي للحالة الاقتصادية كما هي على ارض الواقع وليس نقداً او وجهة نظر شخصية وإذا كان يوجد لدى وزارة الاقتصاد والتخطيط (مصلحة الإحصاءات العامة) وصف آخر فلتتكرم وتقول ما لديها فكلنا آذان صاغية.
الغرض من هذا الوصف هو إصلاح الخلل في القطاع الخاص، وليس الهجوم على العاملين في القطاع الخاص فهم أيضا مواطنون ولكنهم قبل كل شيء هم بشر شأنهم شأن جميع العاملين في القطاعات الخاصة في الدول الأخرى يتأقلمون مع البيئة والمحيط والمجتمع الذي يتواجدون فيه وفق الأنظمة والقوانين السائدة التي تنظّم الحياة، فعملية الإصلاح لن تكون بتقديم المواعظ والأوامر لرجال الاعمال بل بتهيئة البيئة والمحيط ووضع الأنظمة والقوانين وتنفيذها بدقة وإيجاد العقوبات الرادعة على جميع المخالفين كائنين من كانوا، فبمجرد التساهل مع كائن واحد فلا يمكن ضبط الآخرين.
ان الذي يثبت ان اعداد وتهيئة البيئة الملائمة هي الأساس هو ان نفس رجل الاعمال لدينا لو انتقل ليعمل في بلد آخر سيجد نفسه متقيدا بأنظمتها فيوظف أبناءها ويدفع الضريبة كاملة لحكومتها ويتبرع لمؤسساتها وجمعياتها الخيرية ويتحوّل بين ليلة وضحاها الى رجل اعمال صالح.
الخلاصة الخلل والتشرذم لدينا هو في الجهات المسؤولة عن التخطيط ووضع الاستراتيجيات ورسم خرائط الطريق للحاضر والمستقبل.
نقلا عن جريدة الرياض
لو انا من صاحبنا تبع التخطيط استقيل بعد هذا المقال يا دكتور
مقال ممتاز....
كلام في الصميم .... ومن هنا نرى محاربة وزير العمل من مايسمى رجال اعمال للللك تحياتي
في الصميم " ان نفس رجل الاعمال لدينا لو انتقل ليعمل في بلد آخر سيجد نفسه متقيدا بأنظمتها فيوظف أبناءها ويدفع الضريبة كاملة لحكومتها ويتبرع لمؤسساتها وجمعياتها الخيرية ويتحوّل بين ليلة وضحاها الى رجل اعمال صالح. "
اشكرك على هذا المقال. لانرى المواطنه الحقيقيه من القطاع الخاص رغم المساعده الى يتلقونها من الحكومه لدعم المواطنين لكن يساء استخدامه والذهاب الى مكان مظلم نريد دعما حقيقيا للسعوديين انظروا الى القطاع الخاص دائما نحن الاقليه. لكن في كل دول العالم الشركات الاجنبيه يكون مواطنو الدوله هي الاغلب الا في بلدنا او الخليج بوجه عام. ادركونا بالتصحيح ياعبادالله
القطاع الخاص في المملكة يصح تسميته بالقطاع الوافد، الموظف الرئيسي للشعب هي الحكومة. وبالتالي يجب مراجعة الدعم الهائل الذي يعطى للقطاع الخاص، اذا يعتبر دعم من المال العام لفئة قليلة من اصحاب رؤوس الأموال وكذلك يعتبر دعما للوافدين.