البحث عن بدائل الطاقة التقليدية

20/01/2014 1
عبدالله الشماسي

لا يخفى على المتابع، السباق المحموم الذي يشهده عالمنا المعاصر للوصول إلى حلول مستدامة لقضايا الطاقة، سواء من ناحية المستهلكين الذين يسعون حثيثاً لاستكشاف بدائل للنفط والغاز، أو المنتجين الذين يعملون على تحقيق أكبر عائد لاحتياطاتهم المؤكدة من هذه الخامات الطبيعية، بأسعار معقولة تهدئ في نفس الوقت من روع الأسواق وخوفها من مستقبل الطاقة.

لدينا في المملكة على سبيل المثال، احتياطي يزيد عن 264 مليار برميل نفط، و283 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ويمكن تقدير قيمة احتياطي النفط وحده بـ 26.400 مليار دولار (تعادل ميزانية المملكة لأكثر من مائة عام، حسب آخر ميزانية معتمدة)، على أساس 100 دولار للبرميل الواحد، وبافتراض ثبات الاحتياط، علماً بأن بعض التوقعات تشير إلى ارتفاع الأسعار حتى مستوى 200 دولار في غضون سنوات قليلة، هذا فضلاً عن تقديرات الغاز، وتلبية الطلب المحلي على الطاقة الرخيصة، بما يعزز القدرة التنافسية للمملكة لسنوات طويلة قادمة. 

وبهذه القيمة العالية لثروتها من مصادر الطاقة الطبيعية، فإن المملكة معنية بجهود البحث عن بدائل الطاقة، بل ومطلوب منها العمل على تعزيز أهمية الطاقة التقليدية، من خلال الحد من مبررات البحث عن بدائلها، وذلك من خلال استغلال نفوذها لتحقيق استقرار اسعار الطاقة عند مستويات معقولة، تثبط الطلب على مصادر جديدة. 

على عكس ما يظن البعض، نرى تزايداً في وتيرة البحث عن مصادر جديدة للطاقة، وتشير التقارير إلى إمكانية تحول العديد من الدول المستوردة للغاز مثلاً إلى دول منتجة، وبعضها قد يصبح دولا مصدرة مستقبلا.

وحسب تقرير حديث لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن الغاز الصخري سيشكل بحلول عام 2035 نحو 62 في المائة من إجمالي إنتاج الصين من الغاز، ونحو 50 في المائة من إجمالي إنتاج استراليا، و46 في المائة من إجمالي إنتاج الغاز في الولايات المتحدة.

وأوكرانيا قد تتمكن حسب ما يقال، من وقف استيراد الغاز الطبيعي في العام 2030، حيث شرعت شركتا شل الهولندية وشيفرون الأمريكية، في حفر حقلين استكشافيين بحثا عن الغاز هناك. 

وهذه المصادر والآليات نفسها يمكنها العمل لاستكشاف بدائل النفط، ما يستوجب منا الحذر ومراقبة ما يجري عن كثب؛ حفاظاً على مكتسباتنا الاقتصادية، وأهمية بلادنا الجيوسياسية على خارطة العالم.

صحيح أن لدينا أسواقا بديلة لمنتجاتنا النفطية، تنمو بوتيرة أسرع من الصين والهند وغيرها من الأسواق الناشئة، لكن هذه الدول ذاتها تسعى حثيثاً لاستثمار جميع موارد الطاقة المتوفرة لديها محلياً، وهي منخرطة بهمة ونشاط في ما يجري من محاولات على الصعيد العالمي. 

لكل ما سبق، نرى ضرورة إنشاء كيان وطني لمتابعة ومراقبة مثل هذه التطورات، يضم خبراء واختصاصيين في شؤون الطاقة؛ لمواكبة ما يحدث، وتقديم التوصيات المناسبة أولا بأول، إلى جانب اقامة ندوات وورش عمل مختلفة مع الباحثين عن الطاقة البديلة؛ وذلك حتى لا تفاجئنا الأحداث، وتكون كل ثروتنا التي حبانا الله بها في مهب الريح.

نقلا عن جريدة اليوم