لعلكم تذكرون تصريح وزير الاقتصاد والتخطيط الذي قال فيه: "القطاع الحكومي يستوعب أغلب القوى العاملة بأجور لا تعكس الإنتاجية" وهذا كلام – رغم كل علاّته – صحيح. ولكن كذلك صحيح ان نقول: القطاع الحكومي يستوعب أغلب القطاع الخاص بأجور لا تعكس إنتاجيته.
قد يكون تصريح معاليه ليس الغرض منه انتقاد موظفي الحكومة – وهو واحد منهم – وانما الغرض فقط للفت النظر والتنبيه الى الخلل والتشرذم الموجود فعلا على ارض الواقع في سوق العمل، وعلى هذا الأساس بالمثل يجب عدم أخذ قولنا عن القطاع الخاص بأنه موظف حكومي بأجور تفوق انتاجيته على انه انتقاد للقطاع الخاص بل الغرض هو للفت النظر والتنبيه الى الخلل والتشرذم الموجود فعلا على ارض الواقع في القطاع الخاص.
تعالوا نرى وجهة نظر معالي وزير المالية في القطاع الخاص (بالطبع قبل اتهام المقاولين لوزارة المالية بأنها السبب في تعثر المشاريع).
لقد جاء في كلمة لمعالي وزير المالية في افتتاحه لمؤتمر اليورو مني في دورته الثامنة المنعقد في الرياض قال معاليه: "وقد أثمرت سياسات الحكومة عن تحقيق شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص نتج عنها وصول نصيب القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الى 58 %" (الرياض الاقتصادي الأربعاء 8 مايو 2013).
لم تدخل دماغي عبارة ان نصيب القطاع الخاص بلغ 58 % من الناتج المحلي الإجمالي فاستعنت بتقرير مصلحة الإحصاءات عن الحسابات القومية لعام 1433/1434 فوجدت ما يلي: بلغ الناتج المحلي الإجمالي (بالأسعار الثابتة) 1206 ملايين ريال عام 2012 موزعا كالتالي: 701 ألف مليون ريال القطاع الخاص، و262 ألف مليون القطاع النفطي، و243 ألف مليون القطاع الحكومي.
وفقا لهذه الأرقام فإن نصيب القطاع الخاص يتطابق تماما مع قول معاليه بأنه يبلغ 58 % من الناتج المحلي الإجمالي بينما نصيب القطاع النفطي يبلغ 22 % فقط، ونصيب القطاع الحكومي يبلغ 20 % فقط أي ان نصيب القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي يفوق كثيرا مجموع نصيبي القطاع الحكومي والقطاع النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي.
الآن سنوجه سؤالا للقراء أي القطاعات الثلاثة أكثر جدوى في انتاج الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وستكون الإجابة بلا منازع طبقا لأرقام مصلحة الإحصاءات انه القطاع الخاص.
لا تخدعكم الأرقام فهي مجرد أرقام على الورق ففي الحقيقة ان القطاع الخاص بوضعه الحالي هو نفخة كذابة قائم على الانفاق الحكومي، والانفاق الحكومي بدوره أيضا قائم على مصدر ايرادات واحد لا ثاني له، إلا انه القطاع النفطي لأنه الرقم الوحيد بين هذه الأرقام الثلاثة الذي يمثل رقما حقيقيا بذاته فيغذي الانفاق الحكومي الذي هو بدوره أيضا يغذي القطاع الخاص.
ما هو الداعي لهذا الكلام هل هو الانتقاد لمجرد الانتقاد او التشاؤم او الحسد للقطاع الخاص او من باب خالف تعرف او مجرد فش خلق.
الموضوع أعمق من ذلك كثيرا لأن القول بأن بلوغ نصيب القطاع الخاص 58 % من اجمالي الناتج المحلي يجعلنا نعتقد اننا حققنا تنويع مصادر الدخل فانخفض نصيب القطاع النفطي الى 22 % وارتفع نصيب القطاع الخاص الى ما يقارب ال 60 % وهذا ليس صحيحا كما سنرى – ان شاء الله – في زاوية الاحد القادم.
نقلا عن جريدة الرياض
كالعادة مقال جميل وننتظر الجزء الثاني على خير شكرا د. أنور
في هذا المقال اؤيدك
تخيلوا فقط لو لم يكن هناك دعم الحكومي على اغلب مدخلات الانتاج بترول غاز اعلاف وقود كهرباء صندوق موارد بشريه والمحصله توظيف المواطنين في القطاع الخاص لايتعدى 10% واستنزاف لموارد البلد نفط وماء وغاز بدون مقابل يذكر .
بارك الله فيك مقال جميل.
مقال رئع يشف عن نظرة عميقة... هذه الأرقام مرتكزة على الإنفاق الحكومي ولولاه ماكانت