إن الواجب الأوّل لأي وزير سواء في السعودية أو بلد آخر هو خدمة المواطنين ومن يقيم معهم. بالنسبة للكثيرين، يعتبر منصب الوزير طريقاً للتقدّم في المسار الوظيفي، وتحقيق الطموح، والوجاهة الاجتماعية والسلطة وخدمة دينه ووطنه.
لا ينبغي للوزراء وأصحاب المعالي أن ينسوا أنه يتعيّن عليهم أن يكونوا عمليين وأن يروا الأمور على حقيقتها، وأن يتّسموا بالتواضع ويخدموا بلدهم بأفضل ما عندهم من قدرات لأن المنصب هو بتكليف وليس بتشريف.
وإذا لم يستطيعوا ذلك، ينبغي عليهم أن يستقيلوا بطلب الإعفاء وألا يتظاهروا بالعلم والمعرفة وألا يزيّفوا محدودية قدرتهم على الخدمة.
وأول ما يجب أن يقوم به الوزير هو أن يحيط نفسه بأشخاص أمناء وأصحاب خبرة في مجال عمله.
هناك خطأ شائع كثيراً ما يرتكب، وهو تعيين أشخاص "أصحاب ثقة" كمستشارين بصرف النظر عن مهاراتهم وأخلاقهم.
لقد قال وارن بافت، الذي يعتبر واحداً من أنجح المستثمرين في القرن العشرين وواحداً من أثرى أثرياء العالم: "قال أحدهم ذات مرة إنه عند البحث عن أشخاص لتوظيفهم ينبغي عليك أن تبحث عن ثلاث صفات: النزاهة، والذكاء، والحيوية.
وإذا لم تكن لديك الصفة الأولى، فإن الصفتين الأخيرين ستقتلانك".
في الحقيقة، شهادة الدكتوراه لا تعني بالضرورة أن من يحملها مناسب لأن يكون وزيراً أو حتى مستشاراً.
فالأكاديميون ليسوا في كثير من الأحيان أفضل الوزراء في مجال السياسات العامة، ونظراً لتعليمهم النظري فإنهم بعيدون كل البعد عن واقع السوق. ينبغي أن يكون هناك توازن بين احتياجات الوظيفة والشخصيات التي تشغلها.
وما يسمى بالتكنوقراط ليسوا في الحقيقة تكنوقراطيين، لأن كثيرا منهم يحمل شهادة الدكتوراه، ولا يعني انهم قادرون على إدارة الوزارات وما يعادلها من منصب. الخبرة في المجال أكثر أهمية من الشهادات العليا.
إنّ وكلاء الوزراء مسؤولون عن تنفيذ رؤية الوزير، لذلك ينبغي أن يتمّ اختيارهم على أساس الجدارة والكفاءة فقط.
فوكلاء الوزارات في كثير من الأحيان هم العمود الفقري في مساعدة الوزير على تحقيق أهدافه ورؤيته.
من دون التدقيق في موظفي الوزارات وتعيين الوكلاء المناسبين، لن تقوم أية وزارة بواجبها على الوجه الصحيح.
ينبغي أن يكون وكلاء الوزارات محلّ مساءلة, والمحاسبة لا يمكن لأية وزارة أن تعمل من دون مؤشرات رئيسية للأداء.
وينبغي أن تتمّ مراجعة هذه المؤشرات وتعديلها سنوياً، تماماً كما ينبغي أن يكون أيّ وزير مسؤولاً عن أدائه.
إن مجرّد شغل مقعد لسنوات طويلة لا يعني أن الوزير وما يعادله أو الوكيل يقوم بعمله على الوجه الصحيح!!.
كثيراً ما يكون عمل مدراء العموم في مختلف مناطق المملكة بالغة الأهمية. ولكي تكون هناك تنمية اقتصادية في المناطق، يجب أن يتمّ التفتيش على عمل مسؤولي المناطق ومساءلتهم، بناءً على المؤشرات الرئيسية للأداء مع إعطاء مجالس المناطق صلاحيات واسعة وكافية.
ينبغي أن تحاط المهارات الضرورية للموظفين بالرعاية والتطوير.
يوجّه النقد إلى القطاع الخاص لعدم توظيف أعداد كافية من المواطنين وتقديم التدريب المناسب لهم.
وبما أن الحكومة المحرك الرئيس لتوظيف المواطنين، ينبغي أن يتمّ تشجيع التدريب على رأس العمل بما في ذلك أصحاب المعالي.
إن الإنتاجية في القطاع العام لن تتحسّن أبداً إذا لم يخضع العاملون في القطاع الحكومي، في مقدمتهم الوزراء لتقييم سنوي يتم مجازاتهم على أعمالهم سواء الجيّدة او السيئة.
إن تقديم الحوافز لذوي الأداء الجيّد يعتبر أمراً واجباً.
وأخيراً، ينبغي أن يكون الوزراء مسؤولين بناءً على إنجازهم وأدائهم السنوي، ومن شأنه يتم إعفاء المسؤول "كائنا من كان" في حال عدم تحقيق الرؤى والأهداف المرجوة.
نقلا عن جريدة اليوم
لقد أسمعت لو ناديت حيا .. ولكن لاحياة لمن تنادي
توماس فريدمان جديد