المتابع لما تحقق من أرقام إيجابية في ميزانية المملكة سواء خلال هذا العام أو خلال العام الماضي يصفها حقاً ب "الاستثنائية" والاستثنائية هنا تعني الرقم المخطط لصرفه على مشروعات التنمية وتحقيق الرفاه للمواطن كما أنها في الوقت نفسه تمثل استثناءً يندر وجوده فيما يتعلق بالفوائض التي تحققها الميزانيات أيضاً، ذلك أنّ الايراد بحمد الله قد فاق المرصوفات المعتمدة بأرقام "فلكية ايضاً".. هذا الاستثناء يماثله بل يسببه بعد توفيق الله استثناء في إدارة الوطن والاستثناء هنا يرتبط بحسن استثمار الموارد الطبيعية ذلك الاستثمار المدروس المنضبط حقق ولا يزال بحمد الله يحقق نتائج إيجابية ملموسة تعمل على دعم الاقتصاد الوطني.
وبغض النظر عن مدى الاستفادة المباشرة للمواطن من هذه الأرقام الضخمة سواء في حجم الميزانية أو في فوائضها فإنّ الفائدة الاستراتيجية الحقيقية موجودة من خلال هذه المشاريع الضخمة التي قد لا يلمس المواطن أثرها بشكل مباشر وسريع.. ولعلّ أبرزها ما يرتبط بالبنية التحتية وتأسيس المشاريع الخدمية التي أحالت الوطن العزيز إلى ورشة عمل تنموية ضخمة لا يمكن لواحد منا تجاهلها وتجاهل آثارها الإيجابية المستقبلية بحول الله.
وعند النظر إلى فوائض الميزانية فإنّ المتابع لاقتصاديات وطننا واحتياجات مواطنينا فإنّ المقترح الملح يتمثل في تحديد أولويات الوطن والمواطن للاستفادة منها.. ولعلّ من أولويات الوطن ما يرتبط بالدين العام الذي انخفض بحمد الله وتوفيقه لدرجات كبيرة خلال العشر سنوات الماضية حتى وصل إلى ما يقرب من 75 مليار ريال، وهو رقم كبير وصغير في الوقت نفسه، فهو كبير من حيث حجمه، لكنه صغير مقارنة بما يتوفر للوطن من فوائض مالية في هذه الميزانية بحمد الله، ومن هنا قد يكون من المناسب إطفاء الدين العام بشكل كامل يحقق انفراجاً في الاقتصاد الوطني كما لا يثقل ميزانية الدولة أو التزاماتها الاقتصادية المستقبلية.. وبما أنّ قضية الإسكان تشكل الهم الأول والأكبر لدى المواطن فإنّ من المناسب في نظري أن تضخ مبالغ ضخمة في حساب صندوق التنمية العقاري الذي حقق ولا يزال يحقق الكثير من الإيجابيات في التنمية المجتمعية الوطنية، الأمر الذي يؤمل أن يحقق من خلاله انخفاضاً في قوائم الانتظار بحيث لا تزيد فترة انتظار المواطن السعودي عن العامين على أكثر تقدير.. وبما أنّ الوقف الخيري يشكل استدامة في الموارد المالية، وبما أنّ لدى الوطن الكثير من القطاعات الحكومية التي تقدم الدعم المالي للقطاعات الخيرية والإنسانية المحلية فقد يكون من المناسب تنشيط الوقف الخيري من خلال تخصيص أوقاف يعود ريعها لتلك القطاعات، الأمر الذي يحقق لها مزيداً من الاستدامة والاستقرار.. وبما أنّ الحديث عن الاستمرارية والاستدامة.. فإنني أتساءل عن الجهود الحكومية المبذولة فيما يتعلق بتنمية وتطوير استثمار الأوقاف في وطننا العزيز، إضافة إلى التساؤل الأكبر حول ما تم بشأن الهيئة الخاصة بالأوقاف والتي كان الوطن العزيز قد وافق على تأسيسها.. ودمتم.
نقلا عن جريدة الرياض