أعلنت الميزانية يوم الاثنين الماضي، وشملت مخصصاتها زيادة في رأس مال بنك التسليف والادخار بمبلغ قدره عشرة مليارات ريال سعودي، وفي يوم الجمعة (أي بعد اعلان الميزانية بأربعة أيام) أعلن البنك زيادة قرض الاعانة على الزواج من 45 الفاً إلى 60 ألفاً.
هذا مثال لمن يريد أن يلمس المواطن مزايا وتأثير مخصصات الميزانية، فالفعل أوقع من الحكي. السواد من المواطنين أناس مشغولون بتدبير شئون حياتهم، وأي جديد يحدث تغييراً إيجابياً سيجعلهم أكثر رضا وسعادة.
وتدبير الحياة ليس مجرد قرض للاعانة على الزواج، لكن الزواج قضية للشباب، وزيادة القرض فيه استشعار لاحتياجاتهم.
الأمر الآخر، أن الاعلان عن الزيادة في القرض، سواء أكان مصادفة أو أمرا مخططا له، أتى في توقيت ملائم؛ فالمواطن يسمع عن الميزانية العامة ومخصصاتها الضخمة، وينطلق سؤال: ماذا يعني كل هذا؟ وهل سيصل لي شيء؟ وهل سيكون ذلك قريباً؟ وفي هذا السياق، أجابت مبادرة بنك التسليف عن جميع الأسئلة إجابةً نموذجية، «نعم».
كثيرون منا لن يقترضوا من البنك، لكن تركت مبادرة البنك أثراً إيجابياً.
مهم أن يلمس المواطن ثمار الزيادات الكبيرة في مخصصات الميزانية العامة، ويتحقق ذلك ليس فقط عبر استعراض رسوم بيانية لترليونات ومليارات، رغم أهمية ذلك للمهتمين، لكن الأبلغ عند السواد من المواطنين والمواطنات تلمس ثمار تلك الزيادات ملمس اليد، كما سيحدث للمقدمين على الزواج ولأسرهم.
ما أقوله هنا أمرين، الأول: ان على التشكيلات الحكومية ذات الصلة بالمواطن أن تعلن عن برامجها وما حصلت عليه من زيادات في مخصصاتها من ميزانية الدولة، وما الذي يعنيه ذلك للمواطن، وكيف بوسعه الاستفادة. ولا بأس أن تعيد وتوضح وتزيد ففي ذلك فائدة؛ فالإعادة ملائمة لتروج تلك الادارات خدماتها للمواطن الذي هو مرتكز التنمية، ويمكن القول إن ذلك النوع من «الترويج» أبلغ وأوقع من أي نوع آخر من التلميع والاعلان.
الأمر الثاني: ان تعطل أو تأخر أو تعثر المشاريع التي ترصد لها الدولة مئات المليارات أمر يقلل ويحدّ ويقلص من تلمس المواطن لما تسعى الدولة -رعاها الله- لتقديمه من خدمات؛ فعندما تكون وتيرة تنفيذ المشاريع متباطئة، وحدود تنفيذها مقيدة بقدرة المقاولين المحليين أو بقدرة الجهاز الاداري في بعض الهيئات والوزارات، فذلك التباطؤ وتلك التقييدات لا تنسجم مع رغبة الحكومة الموقرة في إحداث تغيير إيجابي ملحوظ في معيشة المواطن، فالأمر ليس سيان إن أنجزت اليوم مَدرسة الحي أو بعد سنوات، والأمر ليس سيان إن أنجز اليوم النفق الذي يربط الحي بالدائري أو بعد سنوات، والأمر ليس سيان إن أنجز اليوم مشروع الصرف الصحي أو بعد سنوات، وليس هو كذلك إن أنجزت سكة القطار أو المترو أو التحلية أو درء السيول والأمطار أو مركز الرعاية الصحية الأولية والمستشفى.
وتيرة انجاز المشاريع بطيئة، وعلى جهازنا الحكومي الاقرار بذلك أولاً، والسعي ثانياً ودون إبطاء لإيجاد حلّ وليس التحدث عن حلّ، فمربط الفرس والمؤشر الأهم: إسعاد ورضا المواطن.
نقلا عن جريدة اليوم