أصبح التناقض سمة من سمات عصرنا ورديفا لتقدمنا، ونستطيع من خلال النظر في هذا المعنى مرة بعد أخرى كلما اكتشفنا تشخيص المشكلات والأزمات التي نوجهها، ازددنا معرفة .. ازددنا حيرة .. وكلما ازدادت إمكاناتنا التكنولوجية، فقدنا السيطرة على الأمور، فنحن ننتج المزيد من النفط ونبقى عاجزين عن إطعام الجائعين ونكتشف أسرار الفضاء ونعجز تماماً عن التعامل مع ساعة هطول مطر،فكيف لنا ان نعالج هذه المتناقضات ونواجهها؟.
حقيقة أن الأعمال والاقتصاديات وكل شيء يشيخ فالمعلومات هي طوق النجاة للأعمال التي أصابتها الشيخوخة، وإن القيمة المضافة الناتجة عن إنتاج واستخدام وبيع المعلومات تتزايد بسرعة تفوق بكثير تلك الناتجة عن إنتاج واستخدام وبيع النفط .. فمن الممكن زيادة قيمة أي منتج بتضمينه ما يسمى بالذكاء الذي يعني الاستفادة من الرؤى المختلفة وكل المعلومات المتاحة بالإضافة إلى تعدد وتنوع ما يقدمه من خدمات وهكذا تتحول المنتجات النفطية التقليدية إلى منتجات اكثر ذكاء لتغزو الأسواق العالمية.
لعهد قريب ما زلنا نصارعه كانت الموارد الطبيعية هي مقياس ثراء الأمم لكن أثبتت الاقتصاديات الحديثة أن الموارد الطبيعية ليست شرطاً للنجاح الاقتصادي، وأن رأس المال أصبح سلعة متاحة في الأسواق العالمية ويمكن للجميع استثمارها واصبح واضحا أن الموارد البشرية أصبحت تشكل أكبر مورد تنافسي في الاقتصاد العالمي مما تقدمه من أنماط التفكير والكفاءات والمهارات البشرية الحاسمة التي ستمكن المتنافسين من إفراز قيادات إدارية قادرة على إدارة وتسيد النظام الجديد من التقليدية إلى العالمية.
فقد أصبح من الصعب دخول المنافسة بنفس الأساليب القديمة ومن المستحيل أن نلعب منفردين في ظل التغيرات السياسية التي تحيط بنا، فالاقتصاد العالمي اليوم غير الأمس يتمثل في سلسلة منفصلة من المنافسات المحلية والعالمية يشترك فيها الاقتصاد المحلي والدولي محترف ومتعدد الجنسيات والثقافات والأعراف والظروف الاقتصادية المتباينة.
نحتاج فعلاً لقادة حقيقيين وليس لقادة يتعاطون من المستخلصات القيادية القديمة، انما قادة يستجيبون لمتطلبات القيادة في عالمنا المعاصر كممارسة وفكر يختلف جذرياً ويتعارض معها.
نقلا عن جريدة اليوم