كتب العديد حول حركة تصحيح وضع العمالة الأجنبية، واتفقوا على أنه «إذا تعلق الأمر بالأمن الوطني، فلا مجال للحديث عن حقوق الإنسان»!! وأعتقد أنه تكوّن لبس لدى أولئك الكتّاب، وهو أنهم، وبدون الرجوع إلى ما تنص عليه أنظمة حقوق الإنسان، افترضوا أن متابعة تلك العمالة غير النظامية، وترحيلها، هو مخالف لقوانين حقوق الإنسان، في الوقت الذي تقوم به جميع الدول، ولا ترى فيه تناقضاً مع حقوق الإنسان، طالما عومل العامل المرحّل بكل إنسانية، لكن الكتّاب رأوا أن التضحية بحقوق الإنسان هو أمر مقبول، لغرض تحقيق الأمن الوطني.
وهنا أجده غريباً أن ينظر للأمن الوطني، وحقوق الإنسان، كمبدأين متعارضين، لا يتحقق أحدهما إلا بإلغاء الآخر.
بل سأزعم أن الأمن الوطني لا يتحقق إلا إذا تمت المحافظة على حقوق الإنسان، كما أن حقوق الإنسان لا تنمو وتترعرع إلا في مجتمع آمن.
فهل لنا أن نتمسك بالاثنين معاً، ولا نروّج لأحدهما كنقيض للآخر؟!
* مشروع تصحيح أوضاع العمالة يجب أن ينظر له كمشروع، يدار كأي مشروع آخر، له هدف معلوم، وإدارة متخصصة، تنظر فيما يحتاجه تنفيذ المشروع من أدوات، ووسائل، وتنسيق مع الأطراف الأخرى، التي يلزم تعاونها لإنجاح المشروع، فهل أدوات المشروع موجودة؟! وكافية؟!
* نحمد الله أن تجربة التصحيح الأولى قد بدأت في حي منفوحة فقط، ولم ترافقها حملة في موقع آخر، لأننا بحاجة ماسّة إلى تعلم الدروس، واستيعابها، قبل التوسع، وسيساعد الأمر أن نقتنع بأن هذه حملة طويلة الأجل، لحماية المجتمع، ستتطلب الكثير من الجهد، والوقت، كما أنه لا بد أن نعي، أنه يوجد متضررون مالياً من هذه الحملة، وسيعملون جاهدين لإفشالها بمختلف الطرق، بما فيها إغراق، وإشغال، الأجهزة ذات العلاقة، فهل نحن واعون، ومستعدون لذلك؟!
* مصطلح «تعثر المشاريع» أصبح جزءاً أساسياً من حياتنا منذ سنوات، وكان ذلك في وقت توفر العمالة غير النظامية، الرخيصة، فماذا سيكون عليه الحال الآن؟! الدعوة اليوم موجهة للحكومة، أكثر من أي وقت مضى، لكي تعيد جدولة مشاريعها، وتمدد فترة التنفيذ، لكي تتيح للقطاع الخاص أن يستمر في نشاطه، خصوصاً ما يتعلق بتوفير الإسكان، والذي لم تتمكن وزارة الإسكان من تحقيق أي إنجاز فيه، منذ سنوات!! وهذا لن يتحقق إلا بوجود عمالة أجنبية، حيث لا عمالة سعودية في قطاع البناء، والإنشاء!! أو بمعنى آخر، لو نجحنا في هذه الحملات، وخلال فترة وجيزة، فما هو التأثير الاقتصادي على قطاعات هامة، مثل قطاع التشييد والبناء، وبعض القطاع الصحي، والتعليمي؟!
* كان يفترض أن تكون هناك شركات كبرى توفر العمالة حسب الحاجة، وكان ذلك ركناً أساسياً من أركان حل معضلة العمالة، وكان حريّ تسهيل أمورها بشكل استثنائي، وتجهيزها للعمل قبل بدء الحملة، فأين هي تلك الشركات؟!
* هل الوقت متأخر لكي نعيد برمجة الحملة، لتكون على مراحل معلومة، تبدأ بمن لا وثائق لديهم، ثم من لديهم وثائق منتهية الصلاحية، ثم من وثائقهم صحيحة، ولكن يعملون لدى الغير بشكل غير قانوني؟؟ ألن يحقق ذلك ذات الأهداف، وبأقل قدر من المعاناة، لمختلف الأطراف المشاركة في تلك الحملات؟!
* لذلك أختم بالإشارة إلى أن الحل الأمني سهل اتخاذه، على الأقل من الناحية النظرية، ولكن المشكلة تتجاوز الحل الأمني بكثير، ولا بد من تفعيل كل متطلبات هذا البرنامج الحيوي، وعلى كل الأصعدة، بل إن تجربة منفوحة، توضح بشكل جليّ صعوبة، وتعقيدات المهمة، وفي كل الأحوال، من الضروري الاستمرار في المهمة حتى نهايتها.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
- تساؤلات كثيره ومتشعبه وجديره جدا بالإهتمام . شكرا أستاذ على إثارتك لها . - تساؤل شركات توفيرالعماله ، أعتقد أنه فى الطريق وقادم قريبا.ولكن يبدو أن تكلفة العماله ستكون أكثر من العماله الغير نظاميه . - تساؤل إعادة برمجة الحمله لتكون على مراحل ، لاأعتقد أن الوقت متأخروممكن تنفيذها مستقبلا طالما متفقين أن الحمله طويلة الأجل . - التأثير الإقتصادى على القطاعات المتنوعه ، يحتاج الى بحث كبير . ياليت الغرف التجاريه تتولى إعداده . - تساؤل التمسك معا بالأمن الوطنى وبحقوق الإنسان ، أعتقد أن أجهزة الأمن كفيله بذلك . - تساؤل إعتبار تصحيح أوضاع العماله كمشروع قائم بذاته له أدواته المختلفه ، أعتقد أن الأجهزه المعنيه بتنفيذ المشروع ، كفيله بالإجابه على التساؤل .
المشكلة ليست في كم العمالة فالاعداد فوق ما نحتاج بل في نوعيتها وهذا ينعكس على الانتاج نوعا و كما والامر الاخر في اعادة هيكلة سوق العمل بالنسبة للعمالة الوافدة...اما سياسة وزارة العمل الحالية فيمكن وصفها بالغبية هذا اذا احسنا الظن
أظن هذا الوقت المناسب للتحكم فى نوعية وجودة العمالة القادمة ووضع شروط لذلك،،، اما يترك الحبل على الغارب فكأنك يازيد ماغزيت لابد من المعاناة لفترة وان نتحمل ذلك شرط وجود خارطة طريق
النقطقه الاساسيه هي ضبط الحدود للمملكه وبخاصه الحدود الجنوبيه