مواجهة التسلل أولاً

19/11/2013 4
د. عبدالرحمن محمد السلطان

الصعوبة التي نواجهها حالياً في التعامل مع مشكلة ترحيل المقيمين غير الشرعيين، الذين هم في الغالب متسللون عبر حدود المملكة مع اليمن، تُظهر الحاجة إلى تركيز الجهود نحو إيجاد حل جذري لهذه المشكلة، من خلال سرعة إقامة حزام أمني بشري وتقني مُحْكم، ينهي هذا التدفق البشري الذي أصبح يشكِّل تهديداً أمنياً واقتصادياً في غاية الخطورة.

فعندما نقوم بترحيل المخالفين في الوقت نفسه الذي يتسلل فيه الآلاف شهرياً نصبح كمن يحاول تفريغ بركة ماء في الوقت الذي يتدفق إليها الماء بسرعة قد تكون أكبر؛ ما يجعل هذا الشخص يفقد أي أمل في نجاح مهمته، وهذا ما أخشى أن يحدث لهذه الحملة المكلفة بشرياً ومالياً إن لم نغلق - وإلى الأبد - صنبور تدفُّق العمالة المخالفة، من خلال رفع مستوى ضبط حدودنا براً وبحراً، خاصة الجنوبية منها.

فمن الواضح أن هناك سهولة في إمكانية التسلل من وإلى المملكة، وفي حديث لي مع أحد العمال اليمنيين قبل فترة ذكر أنه بالرغم من أنه يحمل إقامة نظامية إلا أنه عادة ما يذهب إلى اليمن ويعود منها متسللاً؛ كون كفيله المتستر عليه يطالبه بدفع مبلغ معين لقاء استخراجه تأشيرة خروج وعودة له، وهذا العامل يجد أن من السهل عليه تفادي دفع هذا المبلغ بالخروج والعودة بصورة غير نظامية، ومن المؤكد أنه وصل إلى هذه القناعة الغريبة من خلال تجاربه السابقة؛ إذ لم يرَ أن هناك مخاطرة تُذكر في عبور الحدود ذهاباً وعودة متسللاً.

ومن ثَمَّ فإن وقف سيل المتسللين من خلال ضبط حدودنا خطوة مهمة لإنجاح حملة ضبط وترحيل العمالة المخالفة، فما دامت العمالة الراغبة في التسلل إلى المملكة يوجد لديها فرصة كبيرة للنجاح في تحقيق هذا الهدف فإن هذا السيل من الأفارقة الذين يعبرون البحر الأحمر وخليج عدن إلى اليمن بهدف نهائي، هو الوصول إلى المملكة، لن يتوقف بل سيزيد، وسيكونون مستعدين لدفع كل ما يستطيعونه لعصابات التهريب لتحقيق هذا الغرض.

ولإضعاف الحافز لدى من يحاولون التسلل إلى المملكة فإني أؤكد على ما ذكرته الأسبوع الماضي من ضرورة عدم اقتصار هذه الحملة على ملاحقة العمالة المخالفة، بل يجب أن تشمل أيضاً ملاحقة مشغليهم من خلال تطبيق صارم لعقوبة الـ100 ألف ريال التي أُقرت مؤخراً على من يشغل من ليس على كفالته؛ فتطبيق هذا القرار بحزم سيقلل من الحافز لدى العمالة غير الشرعية للبقاء في المملكة؛ فتكون مستعدة بشكل أكبر للمغادرة والترحيل، كما سيفقد المتسللين المبرر الاقتصادي للتسلل إلى المملكة إن تأكد لهم أنهم سيواجهون صعوبة مؤكدة في الحصول على عمل.

نقلا عن جريدة الجزيرة