جميعنا يسمع عن غابات المسسبي التي تعتبر رئة العالم، وكلنا يعرف ايضا أدغال إفريقيا الغنية عن التعريف، فالأولى في دولة البرازيل بأمريكا الجنوبية والثانية منتشرة عبر دول في وسط وشرق وغرب إفريقيا.
ويتضح جغرافيا أنّه ثمة رابط بين الغابات والأدغال المذكورة، يتمثل في تموقعهما في المنطقة جنوب خط الإستواء إلى مدار الجدي، وهي المنطقة المعروفة بالمنطقة الحارة، غير أنّ حرارة الرابط الذي أعنيه لايمت للجغرافية بصلة بل هي حرارة روبط إقتصادية نشات بشكل ملفت للنظر بين المسسبي والأدغال أو لنقل بين البرازيل وإفريقيا.
والفضل الأول والأخير يعود لشخصية برزت هي الأخرى بشكل ملفت للنظر، لويس إغناسيو لولا دا سيلفا، رئيس البرازيل، الذي ركز منذ توليه الحكم في 2003 على الإستثمار في القارة السمراء وتنمية التبادل التجاري معها.
وقد جاءت بيانات إقتصادية حديثة من طومسون رويترز تشير إلى أنّ رئيس البرازيل، العضو في مجموعة البريك BRIC (للإقتصادات الناشئة)، سجل أكبر عدد زيارات للقارة السمراء ضمن مجموعته، حيث بلغ عدد زياراته 6 زيارات شملت 19 دولة إفريقية، خلال فترة عهدته.
كما اشارت البيانات إلى أنّ حجم التبادل التجاري بين البرازيل وإفريقيا إرتفع من نحو 5 مليار دولار في 2003 إلى مايزيد عن 25 مليار دولار في 2009، بشكل كان فيه التركيز على دول غرب إفريقيا واضحا.
حيث تمكنت البرازيل من زيادة حجم صادراتها الافريقية من 3 مليار دولار عام 2000 إلى 18.5 مليار دولار عام 2008، تقودها الصادرات النفطية من نيجيريا وانغولا والجزائر، وفي ذات الوقت وجدت البرازيل سوقا لمنتجاتها في دول افريقية -كمصر مثلا- رفعت صادراتها إلى القارة السمراء بثمان مرات من 1 مليار عام 2000 إلى 8 مليار دولار عام 2008.
ربما قرب المسافة بين البرازيل وإفريقيا عبر المحيط الهادي مقارنة بالمسافات البعيدة بينها (البرازيل) وباقي القارات كان عاملا مشجعا لدا سيلفا، غير أنّ غنى القارة السمراء من المؤكد كان جذابا لرئيس البرازيل وفي ذات الوقت فهو لم يتناسى عاملا مشتركا هاما بين بلاده وبين الدول التي يركز على الإستثمار فيها كمثل أنغولا والموزنبيق فهي مستعمرات برتغالية سابقا –كما كانت البرازيل-وهي البلدان الأم للسود البرازيليين، وهذه لامحالة أمور كفيلة بان تذيب عقبات كثيرة قد تواجه الإستثمارات البرازيلية هناك.
يجدر بنا التنويه إلى أنّه لكل من أمريكا والصين استثمارات وتبادلات معتبرة مع افريقيا، لكن القفزة النوعية للبرازيل في علاقاتها الاقتصادية مع افريقيا منذ 2003 تستحق الوقوف عندها كما وقفت عندها القمة الإقريقية الأخيرة في ليبيا والتي كان داسيلفا ضيف الشرف فيها.