عندما نتحدث عن مشروع إستراتيجي على المستوى الوطني فإن المعنى يذهب إلى قضية وطنية تمس التنمية الوطنية في مفهومها العام.
في نظري -ولعل الكثير يشاركني الرأي- فإن مشروع تصحيح أوضاع العمالة يعتبر من أهم إن لم يكن أهم مشروع إستراتيجي تم تبنيه وتنفيذه على المستوى الوطني خلال هذه الفتره.
وبصرف النظر عما قد يصاحب تنفيذه من انعكاسات سلبية على بعض القطاعات -وهو أمر مقروء- خاصة وأن المشروع يعالج ظاهرة من الفوضى في سوق العمل امتدت لعدة عقود..
فإن مشروع إستراتيجي كهذا أصبح ضرورة لا خيار في الوقت الحالي، وسوف يلحظ المواطن وينعم الوطن بنتائجه الإيجابية على المدى القريب والبعيد.
وإذا صحت الأرقام فإن 60% من العمالة الموجوده تعمل بصورة مخالفة لنظام الإقامة والعمل، ولك أن تتصور المفاسد الصحية والاقتصادية والبيئة والأمنية والاجتماعية والتربوية التي تفضي إليها هذه الفوضى.
ولعل ما يميز هذا المشروع ويجعله إستراتيجياً بالفعل ما يلي:
1- أنه يطال التنمية الوطنية بكافة أبعادها الاجتماعية، التربوية والتعليمية، الاقتصادية، الأمنية، البيئية، الصحية،... إلخ ويعالج خللاً واضحاً في هذه الأبعاد.. يدفع ثمنه المواطن من حيث يعلم أو لا يعلم.
2- أنه يعالج تشوه في سوق العمل امتد لعدة عقود خلت.
3- أنه لا يستثني أي فئات اجتماعية.
4- أن غالبية المواطنين تكاد تتفق على أهميته بل وضرورة تنفيذه على المستوى الوطني.
5- أن هناك على ما يبدو لغة مشتركة بين الجهات الرسمية المعنية على أهمية تبنيه وضرورة تنفيذه.
6- أن المشروع أخذ نصيباً وافراً من الدراسة والبحث والتحليل.
7- أن تنفيذه على ما يبدو اتخذ مساراً فعلياً وجاداً.
بقيت نقطة هامة هنا وهي أن مشرع كهذ لابد وأن يتضمن تنفيذه بعض التحديات أو لنقل السلبيات على بعض القطاعات.. وحتى نتمكن من الحد من سلبياته فإنني أقترح ما يلي:
1- العمل على معالجة الخلل في نقص العمالة في القطاعات المهنية الحرفية كالمقاولات والنظافة وغيرها التي لا يمكن شغلها بالسعوديين حالياً.
2- التركيز في مشروعات السعودة على قطاع التجزئة الذي يضم أكثر من مليون وثمانمئة ألف وظيفة.
3- التوعية بقيمة وأهمية العمل الحر للجيل الجديد وتهيئة الشباب ووضع البرامج المناسبة وبشكل عاجل لتدريبهم على الأعمال الحرة.. ومساعدتهم تمويلاً وتأهيلاً.
4- المضي بتنفيذ المشروع والاستمرار بحملات التفتيش لأن هناك من العمالة وبعض المنتفعين من يعتقد بل ويؤمن بتراجع التنفيذ بعد فترة وجيزة.
والله من وراء القصد،،،
نقلا عن جريدة الجزيرة