لا أنكر مطلقا ما تحقق من تنمية مجتمعية شملت كافة عناصر ومكونات الوطن.. كما لا أمل من تكرار إعجابي الشديد بالتجارب الوطنية السابقة وخاصة ما يتعلق منها بالتطوير الحضري وتخطيط المدن وكذلك ما يتعلق بجهود معالجة الإسكان الذي يشكل المعضلة الرئيسة أمام جهود التنمية الوطنية المجتمعية.
الشيء المثير حقا يتمثل في أن تلك النماذج المتألقة لم تدم طويلاً أو لم يتم استثمار نجاحاتها من أجل تحقيق تطوير وتنمية لما تحقق وتم؟! من يزور حي السفارات بالرياض على سبيل المثال يشده المنظر الجميل ثم يتمنى تحققه على مستوى أشمل.. ثم ما يلبث أن يتساءل لماذا لم يتم تنفيذ مثل هذا المشروع النموذجي في مواقع أخرى من الوطن.. الذي يشاهد مجمعات إسكان وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وغيرها يتساءل لماذا لم ولا تعمم التجربة على الرغم من تميزها وريادتها ومعالجتها لقضية العصر "الإسكان" ولما تحققه من استقرار أسري يؤدي إلى استقرار وظيفي أيضا وأداء أجود؟!
الذي يستخدم تلك الجسور والكباري التي تم تشييدها قبل أكثر من ثلاثين عاما والتي كان معظمها يسمى "مؤقت" بمعنى أنه تم تشييدها من الحديد كتجربة وبعد نجاح التجربة يتم العمل على استبدال ذلك الحديد "المؤقت" بصبات خرسانية.. الذي يشاهد تلك الجسور والكباري لا تزال شامخة منذ تلك السنين بينما يشاهد ما يحدث في بعض إنشاءاتنا وطرقنا من أضرار جراء سيول أو استخدام.. يتساءل أيضا لماذا لم تتم الاستفادة من تلك التجربة "الناجحة".
الذي يراجع مشاريعنا في الفترات السابقة وخاصة خلال الثمانينيات ويقارن مستوى وجودة وفترة تنفيذها يحس بنوع من الغبن أيضا حيث لا توجد مفردة اسمها "مشاريع متعثرة" وهي المفردة التي أشبعناها طرحاً وحواراً ونقاشات حتى أن بعض المهتمين قدرها بترليون ريال، وهو رقم صعب تحمل تأخيره ذلك أن بإمكان هذا الرقم تغيير وتبديل جهود التنمية الوطنية إيجاباً عند تحققه وتحوله من المتعثر إلى المنجز.
ومع هذا الصرف السخي من الدولة أيدها الله على كافة مشاريع الوطن من البنى التحتية والخدمية إلا أننا نظل "نحلم" في تنفيذ متميز يتناسب مع هذا الصرف السخي.
ترى هل يحمل هذا العام الجديد بشائر خير جديدة يمكنها قلب المعادلة وتحقيق مزيد من التنفيذ لمشاريع الوطن وبجودة عالية وتكلفة معقولة.. نريد أن نفاخر بما يتحقق في الوطن كما نفاخر دوماً بهذا الوطن حكومة وشعباً، من حقه أن يكون "المثل الأعلى" للآخرين.. ودمتم.
نقلا عن جريدة الرياض