إعلان نتائج الشركات بحاجة لتطوير

03/11/2013 2
محمد العنقري

أنهت الشركات المدرجة بالسوق المالي السعودي إعلان نتائجها للربع الثالث من العام المالي الحالي، وبالرغم من التطوير الذي حدث بطريقة إفصاحها عن نتائجها من حيث طريقة عرضها أو بالقوائم الماليَّة خلال السنوات الماضية إلا أنّه مازال دون المطلوب لتحقيق شفافية ووضوح أكثر للمستثمر وللسوق عامة بكلِّ أطيافه.

وسبق أن طالبت وغيري من الاقتصاديين بمزيد من التطوير للإعلانات بما يرفع من مستوى الشفافية والإفصاح ويلغي الكثير من الغموض الذي يرافق الإعلانات أو البيانات التي تصدر سواء بالإعلان الأولي أو بالقوائم الماليَّة لما لذلك من انعكاسات إيجابيَّة تسهم في دعم قرار المستثمر وتعالج النقص بالمعلومات خصوصًا أن غالبية المتعاملين بالسوق هم من الأفراد ويحتاجون لمعلومات واضحة تلغي أيّ تأثير أولي يتسبب باتخاذ قرارات مشوَّهة وذلك بسبب ضعف كفاءة التسعير بالسوق المالي كونه لم يصل لمستوى كبير من الاستثمار المؤسسي المؤثِّر بتحديد الأسعار المناسبة للأسهم الذي يتطلب الوصول له وقتًا ليس بالقصير والعديد من الأدوات الماليَّة المساعدة على ذلك.

ولتطوير إعلانات الشركات فإنَّ إلقاء نظرة على ما تعلنه الشركات حاليًّا نجد أنّه يقتصر على معلومات مقتضبة تتَضمَّن الربح أو الخسارة المحققة ونقاط توضيحية للأسباب التي أدت للنتيجة المعلنة وهذه معلومات غير كافية إطلاقًا للحكم على أداء الشركة الحقيقي للفترة المعلن عنها ولتقديم معلومات دقيقة أكثر لا بُدَّ أن يتَضمَّن الإعلان الأولي حجم المبيعات وتكاليفها فهي من أهم الأرقام التي يجب أن تظهر بالإعلانات لأنّها تعكس محصلة نشاط الشركة ومدى تأثرها إيجابًا أو سلبًا بالأحوال الاقتصاديَّة السائدة أو بأوضاع خاصة بالشركة إذا كانت نتائجها تختلف كثيرًا عن نظيراتها بنفس النشاط، فمن المعلوم أن كثيرًا من المتعاملين لايدخلون إلى القوائم الماليَّة بعد صدورها لأنّها تبقى من عمل المتخصصين من محللين وباحثين.

كما أن بقاء إعلان النتائج دون تاريخ ثابت باليوم والساعة يضع السوق أمام ضبابية غير منطقية فالمستثمر لا يعرف متى ستعلن الشركة نتائجها وهي المعلومة التي تعتبر الأهم للسوق والمتعامل فيه فما الذي يمنع من فرض هذا الاجراء على الشركات وهو متبع بأغلب الأسواق العالميَّة، لأن تحديد موعد الإعلان عن النتائج يلغي عنصر المفاجأة للمتعاملين الذي يربك الكثير منهم بقراراتهم بالسوق.

كما أن الزام الشركات بوضع توقعاتها للنتائج المستقبلية له أهمية كبيرة جدًا في تقديم معلومات شفافة للسوق وتقلل من التذبذبات الحاصلة حاليًّا وتساعد بدعم كفاءة التسعير وتخفف من أثر زيادة التعامل الفردي بالسوق فالاستثمار مبني على المستقبل والمستثمر يهمه ماذا مستقبلاً وليس ما حصل بالماضي فالشركة عندما تفصح عن نتائجها الفصلية أو السنوية هي تعلن عن عمل انتهى ولكن الأهم لأيِّ متعامل ومستثمر هو المرحلة القادمة، كما أن إعلان التوقعات المستقبلية من قبل الشركة يكون مبنيًا على رؤية حقيقية وليس احتمالات كالتي تقدمها المؤسسات الماليَّة ونجد أن تباينات كبيرة تحدث بين ما تعلنه الشركات وتوقعات هذه المؤسسات التي لا يمكن أن نبتعد بتقديرنا لهذا التباين عن ضعف المعلومات التي تقدمها الشركات بالسوق عن حجم نشاطها المتوقع.

ومن المهم أن تقوم الشركات أيْضًا بمنتصف الربع بإعادة التذكير بتوقعاتها لنتائجها وما إذا كان حدث أيّ تطوّر قد يغيّر من الأرقام التي توقعتها حتَّى لا يتفاجأ السوق عند الإعلان الرسمي بتغييرات تُؤثِّر كثيرًا على سعر السهم وقرار المتعاملين.

كما أن إعلان النتائج يجب أن يرافقه بيان منفصل من إدارة الشركة يوضح فيه تفاصيل ومعلومات لا يستوعبها حجم الإعلان الأولي أو حتَّى القوائم الماليَّة يوضح فيه الأداء التشغيلي وما صاحبها من أيّ اتجاهات مؤثِّرة سواء سلبية أو إيجابيَّة ومدى تأثيرها على الأداء ومن الأفضل أن تلزم الشركات بعقد مؤتمر صحفي يكون بالمركز الإعلامي لشركة تداول وتطرح فيه الأسئلة وتناقش المعلومات المعلنة من الشركة ببيان نتائجها مما سيكون له أثر كبير على رفع مستوى الشفافية بالسوق فبعض الشركات تبادر لمثل هذه المؤتمرات الصحفية لكن لا بُدَّ أن يصبح ملزمًا وأن نتخلص من قضية مثل هذه المبادرات لأنّها أصبحت أمر بديهي بعالم الأسواق الماليَّة ومنذ سنوات طويلة.

وإذا ما القينا نظرة على القوائم الماليَّة المنشورة فهي مازالت بحاجة لتطوير بالمعلومات المفصح عنها وبالرغم من أنّها تخضع لمعايير محاسبية معتمدة لكن ذلك لا يعني عدم إضافة تفصيلات مهمة فاذا كانت الشركة مُتعدِّدة الأنشطة فإنَّ المعلومات القطاعية التي تعلن الآن لا تعني أنها كافية فعلى سبيل المثال تمتلك بعض الشركات الصناعيَّة عدَّة مصانع لمنتجات مختلفة ولرفع مستوى الشفافية فإنَّ تضمين القوائم بحجم الإنتاج لكل مصنع أو منتج تَمَّ فعليًّا تحقيقه بالفترة المعلن عنها ومدى تأثيره بالنتائج له أهمية كبرى للمقارنة والقياس لدى المحللين وبيوت المال لرفع كفاءة تقاريرهم الصادرة وتوقعاتهم وتقييم الأداء الحالي أو المستقبلي، كما أن بعض الأرقام المتعلقة بالمصاريف تحتاج لتفصيل أوسع لا أن تكون تحت بنود فضفاضة بمسمياتها كما يفترض أن يعلن عن رواتب التنفيذيين الكبار بالشركات وحجم مكافآتهم بشكل مفصل لكل تنفيذي وليس بأسلوب الأرقام المجمعة وأهمية ذلك أن يعرف المستثمر أن ما يحصل عليه التنفيذي يتناسب مع ما يتحقَّق من نتائج ليكون له رأي بتقييم أدائه عند عقد الجمعيات العامَّة.

تطوير إعلانات نتائج الشركات له أهمية كبيرة بالإفصاح والشفافية والتأثير على قرارات المستثمرين ورفع كفاءة التسعير للأسهم وتقليل أثر المضاربات الغوغائية التي عادة تحدث بالأسواق التي تفتقر للمعلومات الكافية والسوق المالي السعودي الذي يعد الأكبر بالمنطقة بالرغم مما شهده من إصلاح وتطوير بالبيانات لكنه بالتأكيد مازال بحاجة للمزيد من الإصلاح لرفع كفاءته وزيادة الجاذبية الاستثمارية له.

نقلا عن جريدة الجزيرة