أشرت في مقال الخميس الماضي إلى أنه حان الوقت للتحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي.
وأكرر التذكير بأن تحديات المرحلة والظرف الاقتصادية الحالية ومتطلبات الأجيال القادمة تستلزم منا إعادة النظر في سلوكياتنا الاقتصادية على كافة المستويات الحكومية والاجتماعية والفردية.
مظاهر الاستهلاك الترفي تظهر في سلوكياتنا الإدارية والاقتصادية وتتجلى في فعالياتنا وفي مشاريعنا من حيث نوعيتها وأسلوب تنفيذها وتشغيلها والتي لا تعكس تعاليم ديننا الحنيف، بل من المؤسف أن مظاهر الإسراف والتبذير تتمثَّل في بعض صورها في تشغيل دور العبادة وفي بيوت الله (المساجد) التي يفترض أن تكون قدوة في المنهج الرباني وتعاليم الشرع الحنيف، وإلا كيف نفسر الإسراف والتبذير اللا محدود في استهلاك الطاقة الكهربائية والثروة المائية في المساجد.. ألا يخشى القائمون عليها من الوقوع في معصية الله وأيما معصية.. {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
وفي الجانب الاجتماعي، لم يعد خافياً على الجميع ميول شريحة كبيرة من المجتمع نحو الاستهلاك الترفي.. فعلى سبيل المثال، تشير بعض الدراسات المسحية إلى أن معدل تكاليف أفراح الزواج على الاقتصاد الوطني في المملكة تصل إلى 450 ألف ريال للعرس الواحد.. وأعتقد أن الرقم متحفظ جداً خصوصاً عندما نأخذ في الاعتبار كافة عناصر التكلفة الاقتصادية الكلية للمناسبة بما فيها من ملابس نسائية وأدوات زينة ومستلزمات الفرح وغيرها.. في الواقع فإن مناسباتنا الاجتماعية تستنزف ثروتنا.
انتهى موسم الصيف بما فيه من زيجات وأسفار ومناسبات اجتماعية استنزفت الكثير من مدخراتنا بسبب السلوك الترفي للبعض، وبدأ موسم مزاين الإبل وما فيه من تفاخر بسعة صحون الأكل والتبذير.. العالم المتحضر يتفاخر بالإبداع وبعضنا يتباهى بحجم صحون الأكل. نحن أحوج ما نكون لرفع وعي المسئول الحكومي والمستهلك على حد سواء بقيمة الموارد الطبيعية المحدودة وضرورة ترشيد استهلاكها.. ورفع وعي المواطن بتبني السلوك الادخاري والاستثماري بدلاً من الاستهلاك الترفي.
وباختصار، وحرصاً على مستقبل الأجيال القادمة، فإنني آمل أن نقف مع أنفسنا على كافة المستويات:
1 - الحكومي: اتخاذ خطوات عملية وجادة للتحول من الاقتصاد الاستهلاكي الترفي إلى الاقتصاد الإنتاجي والاستثماري.. ولنا في خطة يوسف عليه الإسلام الاقتصادية قدوة حسنة.
2 - المجتمع: الأخذ بالمنهج الرباني الذي ينبذ التبذير والإسراف.. والتوعية بنبذ السلوك الاجتماعي الذي يجل الترف في المأكل والملبس والمركب والمسكن، ومخافة الله في ذلك.
3 - الأفراد: التوعية بتغليب نهج الادخار على حساب الاستهلاك الترفي.
«التبذير معصية» إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم والله الهادي إلى سواء السبيل.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
الإقتصادالحقيقي هو بوضع مؤشر للصناعات النهائية والعمل على تنميته وسعودة قطاعه