أموال المتقاعدين

23/10/2013 3
د. إحسان بوحليقة

لحوكمة صناديق التقاعد الخاصة والعامة قواعد مستقرة هي محل اهتمام الدول والمنظمات العالمية والاقليمية والنوادي الاقتصادية المؤثرة مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فهل حوكمة صناديق التقاعد عندنا بحاجة لإعادة نظر؟ قبل ذلك، هل صناديق التقاعد هي صناديق سيادية؟ بالقطع لا، فأموال الصناديق السيادية مصدرها فوائض الخزانة العامة، في حين أن أموال صناديق التقاعد فوائض اشتراكات الموظفين في القطاعات المختلفة حكومية وخاصة.

الافصاح مطلوب في الصناديق جميعاً، لكن التكتم على بيانات وحسابات وأرصدة واستثمارات الصناديق التقاعدية أمر ليس له ما يبرره.

في نظامي التقاعد العام والتأمينات تساند الدولة ـ رعاها الله ـ الصندوقين باعتبارها الضامن لهما في حال قصور قدرتهما عن الوفاء بالالتزامات، لكن غير مفهوم عدم الافصاح عن القوائم المحاسبية والحسابات الختامية والتدفقات النقدية والمحافظ الاستثمارية للصناديق التقاعدية، وغير مفهوم كذلك لم لا تعامل تلك الصناديق - فيما يخص الافصاح - معاملة الشركات المساهمة العامة؛ فعدد المشتركين والمستفيدين من صناديق التقاعد أكبر من عدد المساهمين في أي شركة سعودية مدرجة في سوقنا المالية؟ وإضافة لنشر القوائم المحاسبية الختامية سنوياً، فمهم نشرها فصلياً، ونشر تقرير سنوي يُبين التفاصيل المتعلقة بالادارة والعمليات وكل ما يستوجب الافصاح؛ فأعمال صناديق التقاعد لا تنطوي على أي معلومات حساسة تستوجب أن تُكتم، فهي مؤسسات: تجمع اشتراكات، وتوزع رواتب تقاعدية، وتستثمر الفوائض. وهكذا، نجد أنها مؤسسات مالية يحكمها نظام متخصص.

ولا أجد ما يجعلها ـ فيما يتعلق بالافصاح ـ أكثر حساسية من البنوك التجارية، ومع ذلك نجد أن بنوكنا التجارية تُفصح عن أرباحها وخسائرها وأنشطتها كل ثلاثة أشهر، وتوزع تقارير سنوية كل عام. قد يقول قائل إن صناديق التقاعد تخضع لرقابة ديوان المراقبة العامة، وهذا قول صحيح لا شك، لكن ديوان الرقابة العامة معني بالتدقيق والمراجعة وليس بالافصاح.

وقد يتساءل أحدهم: ولم الافصاح؟ والاجابة: لم لا؟! بل إن القواعد المعمول بها في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعتبر الافصاح مرتكزاً، وعندما يتعلق الأمر بمعلومات تتعلق مباشرة بملايين الأشخاص فالأصل اشهارها وليس العكس، وإن وجدت جزئيات تمثل حساسية من نوع أو آخر قد تمس مصالح البلاد فلا بأس بحجبها استثناءً.

ولا بد على كل حال من الفصل التام بين الجهاز التنفيذي والهيئة المهيمنة (مجلس الإدارة) وليس أقل من ألا يكون كبار التنفيذيين في الصناديق أعضاءً في تلك المجالس تحقيقاً لفصل الأدوار ولتحصين مجلس الإدارة ليس من المسئولية ولكن من مباشرة التنفيذ والتشغيل.

في صناديق التقاعد، هناك حاجة لطرح الأسئلة من خارج مجلس الإدارة، أي من عموم أصحاب العلاقة من المتقاعدين والمشتركين، وهذا لن يتحقق إن لم تتوفر المعلومات ويفصح عنها منهجياً ومهنياً. وقد ترشدنا الممارسات الدولية للارتقاء بحوكمة صناديقنا التقاعدية.

نقلا عن جريدة اليوم