رسالة «تحذر» من أسعار العقار

10/10/2013 25
وليد عرب هاشم

وصلتني رسالة على هاتفي الجوال تحذر من شراء أي قطعة أرض، وتؤكد على انخفاض أسعار العقار، بل (انهياره) المتوقع خلال الأشهر القليلة القادمة، واستشهدت الرسالة على ذلك بحديث لمعالي وزير الإسكان يعلن عن استلام مساحات ضخمة من الأراضي تقدر بثمانين مليون متر مربع وتوفيرها قريبا للمواطنين، وبالإضافة لذلك سيتم توفير قروض سريعة تصل إلى مليون ريال لكل مواطن، وبالتالي فإن الرسالة تنبه على (عدم شراء أي قطعة أرض في الوقت الحالي) و(عدم الانخداع عبر وسائل الإعلام أو الجرائد بأن العقار متماسك)، فما هذه إلا محاولات من (أصحاب النفوذ ورجال الأعمال) لتسويق أراضيهم قبل (الانهيار) المقبل، والذي تم تحديده خلال الثلاثة أشهر القادمة، واختتمت الرسالة طلبها بأن يتم توزيع ونشر هذه المعلومات لتعم الفائدة.

وكما هو واضح، فإن هذه الرسالة وصلت إلى نتيجتها الحتمية بانهيار أسعار العقار، بناء على سببين، وهما توزيع الأراضي المجانية على المواطنين وإعطاء قروض تصل لمليون ريال لكل مواطن، ولكن بالنسبة للنقطة الأولى،وهي توفير ثمانين مليون متر من الأراضي للمواطنين، فهذا شيء رائع، بل إنه أكثر من رائع، ولكن أين كانت هذه الأراضي؟ نحن نشكو من أزمة سكن لأكثر من ثلاثين عاما، فهل كان هناك ثمانون مليون متر من الأراضي محتجزة في خزائن البلديات إلى أن أتت وزارة الإسكان لتفرج عنها وتوزعها على المواطنين؟، أم أنها أراضٍ تم استصلاحها حديثا، وسيتم توزيعها في كل منطقة ومدينة حسب عدد سكانها، وبالتالي فإن مدينة جدة،والتي بها حوالي 10% من سكان المملكة المفترض أن تحصل على 10% من هذه الأراضي، أو تحصل بالتحديد على ثمانية ملايين متر مربع، فإن كان كذلك فأين بالتحديد تقع هذه الأراضي؟ ومتى تم استصلاحها ووصلت لها خدمات الماء والكهرباء والهاتف أو حتى الطرق المعبدة؟ نحن نشاهد ضغطا على هذه الخدمات وانقطاعات لها في مناطق وأحياء سكنية في وسط جدة، فكيف نتوقع إيصالها إلى ثمانية ملايين متر جديدة وفي خلال ثلاثة أشهر؟ هذه تساؤلات تجعلني أشك في إمكانية توفير مثل هذه المساحات الشاسعة على مئات الألوف من المواطنين خلال ثلاث سنين وليس خلال ثلاثة أشهر، ولكن ــ كما يقولون ــ (خلينا نشوف)، فثلاثة أشهر ليست بزمن بعيد، وأنا وغيري سنكون أول السعداء والمستفيدين من الأراضي المجانية.

ثانيا، أما بالنسبة للقروض الميسرة والسريعة والتي تصل إلى مليون ريال، فهذه لن تؤدي إلى انخفاض أسعار العقار، بالعكس فإنها ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، فأي مبالغ تم توفيرها أو تيسير الحصول عليها، سواء كانت من الدولة أو من البنوك لتوفير المنازل، ستؤدي إلى ارتفاع الطلب على المنازل وعلى الأراضي أو العقار، وارتفاع الطلب سيؤدي إلى ارتفاع السعر وليس انخفاضه، وبالتالي فإني لا أتفق مع الرسالة التي وصلتني لتؤكد انهيار أسعار العقار خلال ثلاثة اشهر، وأرجو أن لا تكون هذه رسالة مقصودة لتحقيق هدف ما أو مصلحة معينة للجهة التي أرسلتها وطلبت توزيعها ونشرها، مثلما كانت الرسائل التي وصلت أيام تقلبات سوق الأسهم، والتي كانت تدعو لشراء سهم معين وتؤكد على ارتفاع سعره وتحذر من سهم أخرى وتدعو للابتعاد عنه، وكلنا نعلم ما الذي حدث في سوق الأسهم ــ آنذاك، فعلينا الحذر من مثل هذه الرسائل وعدم الانسياق وراءها دون تفكير.

نقلا عن جريدة عكاظ