أسواق الأسهم وقت الأزمات

02/09/2013 3
د.عبد الوهاب أبو داهش

  أسوأ مايمكن أن يفعله المختص أن يتوقع اتجاه الأسواق المالية في وقت الأزمات. ويزداد سوءا عندما يعتمد على التحليل الفني في تحركات السوق أو سهم ما. قد يكون من المفيد أن تربط علاقة الأسواق المالية بالازمات تاريخيا وكيف كان اتجاهها والأسباب التي ادت الى ذلك. وقد يكون من المفيد الشراء للمستثمرين على المدى الطويل، او صانعي السوق، الا أن اطلاق احكام عامة بتوقعات الهبوط والصعود في اوقات التذبذبات الشديدة تبدو مخاطرة عالية بحد ذاتها. ان القواعد الذهبية للسوق أن الخروج وجني الارباح هو الاسلم خصوصا بعد الارتفعات المتتالية في السوق. والخروج هنا ليس من السوق تماما، فالبعض قد يخرج 50% (اقل او اكثر) من محفظته من السوق في انتظار اتضاح توجه الاسواق وانجلاء المخاطر السياسية.

ان تبعات مايحدث في المنطقة لم يتضح حتى الآن، ولكن هناك مؤشرات يمكن الاعتداد بها في قراءة مستقبل السوق والاقتصاد وتشجع البقاء في الاستثمار في الأسواق الخليجية ومنها السوق السعودية على وجه التحديد. وأول تلك العوامل هو ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية خلال العام الحالي عند 116 دولارا لبرميل برنت، مما يعطي انطباعا في قدرة الحكومة السعودية على مواصلة الانفاق وتكوين الاحتياطيات ومقابلة اية مصاريف أخرى قد تخرج من رحم تلك الأزمات.

يتحقق هذا ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار النفط، بل ان الحكومة السعودية قد تضطر لرفع الانتاج لتطمين الأسواق العالمية في قدرتها على ضخ المزيد للدفع بأسعار النفط للاستقرار مما يرفع عائداتها بأكبر من المتوقع. ومن العوامل الأخرى التي تجعل سوقنا اكثر جاذبية أن الأسواق العالمية أصبحت متشابكة بشكل كبير فالارتباط بين توجهات الهبوط والصعود في الأسواق العالمية هو ايجابي بدرجة أنه لا يمكن تفضيل سوق على آخر الا لأسباب خاصة لها علاقة بالمستثمر فقط مثل التنويع. اما في العموم، فإن عوائد السوق السعودية ومكررات الأرباح للشركات القيادية تعتبر جذابة وأفضل من بعض الأسواق العالمية الأخرى.

يضاف الى ذلك أن الأسواق الناشئة تتعرض الان لتراجع حاد في عملاتها مع تذبذبات حادة في اسواقها رغم انها في منأى عن الصراع الجيوسياسي في منطقتنا. ولذلك ليس من المتوقع ان تتوجه اموال من الخليج الى الاسواق الاوروبية والامريكية وحتى الناشئة في الوقت الحالي. فالازمات المالية السابقة التي حدثت جراء الرهن العقاري في امريكا وماتلاه من نقاش حاد حول السقف الائتماني للحكومة الامريكية ومسألة سياسة التيسير الكمي التي لم تتضح معالمها الى الآن تجعلنا نتوقع ان تستمر السوق الامريكية في التذبذب القوي (ارتفاع المخاطر) حتى نهاية العام. وبالنسبة للاسواق الأوروبية، فإن سياسات الاروبيين تجاه تقييد البنوك وصعوبة اعطاء حلول جذرية للديون السيادية يخلق تخوفا وهاجسا مستمرا للمستثمرين في الخليج وغيرها من البلدان.

من هنا فإن الخيار الأفضل يظل للأسواق الخليجية ومنها السوق السعودية على وجه الخصوص. ان الشهرين القادمين سيكونان كفيلين (وقد يكونان كافيين) لمعرفة توجه الأسواق والاقتصادات المحلية والعالمية.

نقلا عن جريدة الرياض