رداً على الأخوة الذين اختلف معهم

28/08/2013 13
مازن السديري

يسعدني تلقي الردود والاختلاف من السادة القراء ففي الاختلاف جمال والتصحيح معرفة ويشرفني دائماً تعليق السادة القراء من تأييد واختلاف وأرى في ذلك أرقى صور الاحترام، فلذلك أتشرف بالرد على نقاد مقالي السابق (اضرب بعصاك الفساد)، وقد تلقيت عدة ردود معارضة وتساؤلات هل كان النفط وحده صاحب الفضل للنهضة الأخيرة في المملكة العربية السعودية؟ وهل تعد حكومة الهند برغم نجاحها فاسدة بسبب نسبة الفقر العالية في الهند والعكس في الإمارات والكويت؟ وهل الفتوى الشهيرة من الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - ضد الإخوان غير صحيحة؟ وهل حقيقة كان هناك دور للإخوان في حرق الكنائس في مصر؟ وهل كان مرسي فاسداً ويتحمل مشاكل الفاسد المصري؟

تساؤلات يشرفني الإجابة عنها والمضي بموضوع غير اقتصادي هذا الأسبوع..

أولاً: فإن إرجاع نجاح النهضة الأخيرة للمملكة للنفط وحده دون إبراز دور خادم الحرمين - حفظه الله- فهذه نظرة محدودة حيث تمت إعادة بناء منظمة أوبك وتكوين احتياطي نقدي يضاهي الناتج المحلي وإعادة التنمية دون تمويل قضايا خارجية لا تمس الوطن والعرب، والحديث في ذلك طويل وسوف أخصص لذلك مقالاً خاصاً مستقبلاً ..

وثانياً عن الهند؛ فأحب أن أجيب القارئ بأن فعلاً الهند تعاني من الفساد، ومسؤولو الهند يعترفون بأن النظام الهندي الديمقراطي من أسباب ذلك الفساد، ولا يفهم من هذا أنني أهاجم الديمقراطية، ولكن طبيعية قوة الأحزاب ونفوذ الولايات الهندية بشكل غير متناسب بين بعضها يعيق تكرار الحركة الإصلاحية والتي حدثت عام 1991 ولاتزال ولايات تستأثر على ولايات أخرى بمشاريع التنمية والكثير منها يفتقد البنية التحتية الأساسية، وبرغم الظروف والفرص الكامنة التي تصب في صالح الهند قياساً بالصين فإن الحجم الاقتصادي الهندي لا يتجاوز ربع الصيني، ويجير الباحثين الهنود السبب إلى الفساد، أما عن الإمارات فهي في نظري أفضل دولة عربية وأفضل من السعودية واستطاعت بناء أنظمة تعليمية ومؤسسات بحثية على مستوى عالمي ونفذت ما تحتاجه السعودية من التوجه للطاقة البديلة وبهرت الغربيين أنظمتها وانضباط شعبها في المرور والقضاء والقوانين التجاري وهو ما جذب العالم للعيش والاستثمار بها، أما عن الكويت فللأسف وهذا ليس سراً بأن الخلافات البرلمانية أخرت مشاريع التنمية، ولكن هذا لا يلغي بنية تحتية رائعة في الكويت.

وأما عن التساؤلات التي تمس الإخوان فأنا لست فقيهاً شرعياً ولا عالماً بالتاريخ ولكني مطلع ولا أتجاوز آراء الفقهاء والعلماء ومن ينكر فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله- ضد الإخوان فهو مخطئ وله - رحمه الله- تسجيل صوتي ينسب بعض ممارساتهم من العنف بأنها من أفعال الاثنين وسبعين فرقة الهالكة في النار، ثم أضيف بأني أعرف الشيخ ابن باز رحمه الله وأعرف زهده وأغلبكم يذكر بيته البسيط وسرد قصص بأنه التقى بقيادات إخوانية لا يلغي رأيه فيهم، ومن يدعي معرفة الشيخ فهو يعرف نبله وميله لاحتواء وجذب أغلب التيارات الإسلامية من أجل محاربة المفاهيم الخاطئة وله تسجيل آخر بذلك يحث فيه على تصحيح مفاهيمهم ومن ضمنهم الإخوان.

أيضاً هناك تسجيل صوتي للشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- وهو قامة أخرى في علم الشريعة ومثال للزهد وكان - رحمه الله - يخطّئ أساليبهم الدموية التي استغلها الحاقدون ضد الإسلام، ومع ذلك أجد من يبرئ الإخوان من العمليات الدموية أو التخريبية ولهم تاريخ طويل، فمن قتل بطل استقلال سورية عبدالرحمن الشهبندر ورئيس وزراء مصر النقراشي، وسبب ذلك غياب الإسلام كمشروع تنموي للشعوب العربية منذ منتصف القرن الماضي والفضل يعود إلى الإخوان، ومع ذلك نجد من يبرئهم من كل ذلك وهم في أدبياتهم يعتبرون المسيحيين العرب أجانب ويصفونهم بأنعات لا تليق بأن تخرج من المجتمع المسلم، ولو أن غير الإخوان هم من أحرق الكنائس لنشأ تصادم حاد في الشارع المصري، ولكن الأقباط لم ينفعلوا وكانوا وراء الدولة المصرية والجيش لقناعتهم بأن الفاعل هم الإخوان وأن المعركة ضدهم، ثم هل كانت الدولة المصرية بحاجة إلى افتعال مثل هذه الأفعال لهذا العدد الكبير من الكنائس والمترامي الأطراف وهي تستنفر جميع طاقاتها ولديها ملايين المؤيدين خصوصاً من الأقباط دون اللجوء لهذه الممارسات.

أخيراً هل مرسي فاسد؟ إذا نظرنا من هذه الخانة الضيقة فهل أحمدي نجاد فاسد وهل جمال عبدالناصر فاسد وهل ستالين فاسد؟.. الجواب هو (لا)، ولكنهم وطّنوا لأنظمة فاسدة دمرت مدخرات وخيرات بلادهم، وذهب حزب مرسي لتعيين محافظين شاركوا في عمليات إرهابية لأهم مدينة في مصر من الناحية السياحية (الأقصر)، والفوضى التي زرعها نظامه لإقليم شديد الأهمية سياحياً وهو إقليم سيناء (تشكل السياحة 65% من الاستهلاك المصري ويقدر بما يعادل ربع الناتج المحلي).. وماذا عن أصول الدولة والتي بدأت تباع على أعوان نظامه بأسعار زهيدة كما فعل النظام الذي سبقه ورئيس وزرائه متهم بذلك، هل هذا هو الإعلام العسكري أيضاً ونحن نعلم استقلال القضاء المصري والذي في عهد مبارك كان أشرس المؤسسات المعارضة له هي نادي القضاة، ألم يقل مرشدهم (طز في مصر!).

نقلا عن صحيفة الرياض ..