من المعروف أننا مجتمع متدين، يؤمن بالقضاء والقدر، ولذلك وجد نشاط التأمين صعوبة في تقبّله اجتماعيًّا لسنوات طويلة، لأننا نؤمن بأن ما مكتوب لك سيحدث، مهما حاولت الاحتراز ضده، حتَّى ولو كانت فكرة التأمين، هي إما للحصول على تمويل للعلاج في حالة المرض، أو تعويض مادّي للعائلة، متى ما فقدت عائلها.
وفي الجانب الآخر، هناك مقولة أكثر تقبّلاً لمبدأ الاحتياط للمشكلات الممكنة، وهي التي تقول «اعقل ناقتك، ثمَّ توكّل على الله»، وهنا مطالبة باتِّخاذ إجراء احترازي أولاً، وهو عقل الناقة، وبعد ذلك التوكُّل على الله، وهي درجة تتطلب جهدًا أكبر، ولكن ذلك يمثِّل اقتناع دنيوي أكبر بمسؤولية صاحب الناقة، للحفاظ على ملكه.
كل هذه المقدمة هي لغرض الحديث عمَّا يمرُّ به العاملون في صناعة البترول، والبتروكيماويات، من الحاجة إلى الوعي، حول مخاطر عملهم يوميًا، وبأن أيّ خطأ بسيط، قد يكون قاتلاً، حرفيًّا للموظفين، وفي حالات لِكُلِّ سكان ما حول المصنع، وخير مثال على ذلك ما حدث في قرية بوبال الهندية، نتيجة الحادثة التي حدثت في مصنع شركة يونيون كاربايد، قبل 30 سنة، وما زالت الشركة، أو بالأصح أن الشَّركة قد انتهت، ولكن الشَّركة التي اشترتها، التزمت بأن تدفع تعويضات للأهالي، وأولادهم الذين تشوَّهوا نتيجة تلك الحادثة.
تذكَّرت ذلك، وأنا أعمل في قطاع البتروكيماويات، وكم من الجهد، والمال يبذل من قبلنا جميعًا، لتذكير العاملين في القطاع بأمور السَّلامة، التي يجب أن يقدّموها على غيرها من الإجراءات الأخرى.
ولكن الواقع هو أن الطّبيعة البشرية تحب أن تسترخي، وأن تشعر بأنّها في مأمن، طالما أنّه مرَّت عليها فترة طويلة من دون حوادث، ولكن هذه الصناعة خطرة، ولذلك فقد وجدت هذه الصناعة، أنّه لا بُدَّ من مخاطبة أولئك العاملين، فيما أقرب ما يكون إلى قلوبهم، ألا وهو نظام الحوافز، ولذلك، وبخلاف الصناعات الأخرى، التي تؤسس نظام حوافزها على أساس حجم الأرباح المتحققة، نتيجة ارتفاع المبيعات، أو انخفاض المصاريف، فصناعة البتروكيماويات تضع وصفة لمنح المكافآت السنوية، أهم عامل فيها هو عامل الأمن والسَّلامة، داخل المنشأة،وتوضع حدود قصوى لعدد الحوادث، بحيث يمكن أن يحرم العامل من المكافأة، لو ارتفعت نسبة الحوادث، حتَّى ولو حقَّق المشروع أرباحًا قياسية، حيث إن الهدف الأساسي هو السَّلامة، وهي بحدّ ذاتها كفيلة بجلب الأرباح، وفي حالة وجود حوادث، فإنَّ الحرمان من المكافأة يتم على الجميع، حتَّى على من لم تكن له علاقة مباشرة بالأمر، والسبب هو لغرض رفع نسبة وعي الجميع بموضوع السَّلامة، وضرورة أن يشارك الجميع في التنبيه إلى مواطن الخطر، أينما كانت.
لكل ذلك فإنني أعتقد أن مقولة «اعقلها، وتوكّل» هي أقرب إلى حماية العامل، من مقولة «المكتوب مكتوب»، لأن الأخيرة لا توجّه العامل بأخذ الاحترازات المطلوبة، ونحن اقتصاد يعتمد جلّه على صناعتي البترول، والبتروكيماويات، ومن هنا تكمن أهمية الحديث عن موضوع السَّلامة.
نقلا عن جريدة الجزيرة
(اعقلها وتوكّل) حديث مسند إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
الحقيقه ان التامين اصبح من الضروريات التي يحتاجها الانسان لكي يقي نفسه لا قدر الله اي حوادث ليست في الحسبان والغريب ان تسعين في الميه من المحلات التاجريه في المملكه لا تامن علي محلاتها والمفروضان موسسة النقد تنسق مع البلديات بعدم الترخيص للمكاتب اوالمحلات التجاريه صغيره او كبيره مالم تامن
التأمين بصورته الحالية غير شرعي . لو أرادوا تقبل الناس للتأمين لشجعوا التأمين التكافلي و الذي يتم فيه ارجاع الفائض من أموال المؤمن عليهم كل بحسب حصته من المبلغ المجمع بعد تسديد أي مستحقات أو تعويضات لحوادث حصلت خلال السنة لا أن يتم اعتباره ارباح لملاك تلك الشركات كما هو معمول به حالياً.
وهناك مثالين آخرين,,, ماحدث لشاحنة الغاز بالرياض وماحدث لمحطة تحلية مياه جده قبل اسبوعين تقريبا