التضخم في المملكة ليس له علاقة بقيمة الدولار

28/05/2013 10
د. عبدالرحمن محمد السلطان

ارتفع الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة أمام عدد من العملات العالمية وبشكل خاص أمام الين الياباني حيث حقق الدولار أعلى قيمة له أمامه خلال أكثر من أربع سنوات بوصوله إلى حوالي 104 ين للدولار، بعد أن كان يعادل حوالي 83 يناً فقط بداية هذا العام.

هذا الارتفاع الذي بلغت نسبته حوالي 25% في أقل من خمسة أشهر لم يؤثر على أسعار السلع اليابانية في المملكة، وهو أمر غير جديد فالملاحظ أن مستويات الأسعار في المملكة في السنوات الأخيرة تستجيب لأي انخفاض في قيمة الدولار بشكل مباشر وآني لكن العكس ليس صحيح، أي أنه عندما ترتفع قيمة الدولار تبقى أسعار السلع على مستوياتها السابقة ولا تتراجع. 

هذا الواقع يؤكد أمرين في غاية الأهمية.

أولهما: أنه لن يكون من المجدي مطلقا محاربة التضخم في الملكة من خلال رفع قيمة الريال أمام الدولار فلو كان ذلك سيجدي لأجدى ارتفاع قيمة الدولار.

الأمر الثاني: أن ذلك يؤكد أن التضخم الحالي في المملكة ليس تضخماً مستورداً، أي أنه ليس تضخم ناتج عن انخفاض في قيمة الدولار أو ارتفاع في معدلات التضخم عالميا، وإنما هو ناتج عن ضغوط تضخمية محلية بسبب النمو الكبير والمستمر في معدلات الإنفاق الحكومي الذي انعكس في زيادة كبيرة في الطلب على السلع والخدمات بصورة مكنت المستوردين والتجار من تمرير أي زيادات سعرية في ضوء ضخامة السيولة النقدية في الاقتصاد المحلي، الأمر الذي يعني أن كل ما سيترتب على أي ارتفاع في قيمة الدولار أو حتى في قيمة الريال في حال رفعها هو ارتفاع في هامش أرباح المستوردين والتجار دون أن ينعكس ذلك بانخفاض ملموس في أسعار السلع محليا. 

هذا يقودنا إلى التحذير الذي أطلقه صندوق النقد الدولي من أن هناك خطر كبير في أن يكون هناك ضغوط تضخمية قوية خلال الفترة القادمة ما لم تُراجع سياستنا المالية بحيث نصل إلى معدلات مستقرة مقبولة من الإنفاق الحكومي، وهو تحذير في محله باعتبار أن النمو المستمر في الإنفاق الحكومي على مدى يزيد على عشر سنوات لم يتسبب في رفع حرارة الاقتصاد المحلي وزيادة الضغوط التضخمية فقط بل تسبب أيضا في تدن مستمر في كفاءة وفاعلية هذا الإنفاق وارتفعت معدلات الهدر ونحن أحوج ما نكون الآن إلى استقرار أكبر في معدلات الإنفاق الحكومي لتحاشي كل ذلك.

نقلا عن جريدة الجزيرة