الاندماج النووي والطاقة الشمسية«أيهما بترول المستقبل»

18/05/2013 3
د. أنور أبو العلا

يكاد معظم القراء يعرفون ان الطاقة الشمسية مرشّحة لأن تكون احد – ان لم تكن – أهم مصدر من مصادر الطاقة التي يعقد عليها العالم (عن بكرة أبيه)اّمالهم لأن تحل محل البترول بعد نضوبه كمصدر نظيف،وآمن، ومتجدّد(لاينضب) للطاقة.

لكن قليل القليل من القراء يعرفون ان الأندماج النووي (وليس الانشطار النووي المستخدم الآن) سيكون فرس الرهان المرشح لأن يكون الأمل الذي سيحل محل البترول بعد نضوبه كمصدر نظيف، وآمن، ويكاد لا ينضب للطاقة.

الطاقة الشمسية قديمة قدم الحياة على الارض. فهي اول طاقة استخدمها الانسان الأوّل مباشرة بالفطرة لتقديد اللحوم، والتسخين، والتدفئة، ودبغ جلود الحيوانات.

لكن اول مرة اسمع انها من الممكن ان تكون بديلة للبترول عندما سمعت بأذني – من غير ان ارى بعيني – عن مشروع العيينة شمال الرياض.

ثم رأيتها بأم عيني وأنا ارى الواح السيلكون ينصبها العمال على أسطح البيوت الجديدة المتناثرة بحذاء مجرى نهر نياقرا عندما كنت اكتب رسالة الدكتوراه في بفالو وانا اصعد نهاية الاسبوع الى الشلالات عن طريق النهر لأشاهد تطور العمل فيما كنت أحسبه باكورة تجارب اولية لطاقة المستقبل.

المملكة وهبها الله شمسا ساطعة وارضا شاسعة ورمالا سيليكونية ناصعة وهذا يجعلها مؤهّلة (وبالتالي مرشّحة) أكثر من غيرها لأن تكون رائدة في صناعة الطاقة الشمسية.

لكن توفر الامكانيات شيء واستغلالها شيء آخر. يجب ان نفرّق بين استيراد وتركيب محطات (توليد الطاقة) وتشغيلها بشركات وأياد اجنبية (وهذا يجعلنا دولة مستهلكة لا منتجة للطاقة الشمسية) وبين اجراء البحوث والدراسات والتجارب وتطوير وانتاج الطاقة الشمسية بتقنية واياد وطنية حينئذ فقط نستطيع ان نقول بأننا دولة منتجة للطاقة الشمسية.

الشيء الوحيد الذي سيثبت لنا أننا جادون بأن نكون منتجين ومصدّرين للطاقة الشمسية هو اعداد وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية الشابة منذ الآن للقيام بجميع مراحل عمليات الشّمسنة من الألف الى الياء والا فلا داعي للتصريحات الرنّانة حتى لا ينطبق على وعودنا المثل الحكواتي: "كلام الليل مدهون بالزبدة اذا طلعت عليه شمس النهار ساح".

يوجد لدينا ثلاث جهات: مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، ومدينة الملك عبدالعويز للعلوم والتقنية (المفروض انها مراكز بحوث ودراسات وتطوير) ولكن حتى هذه اللحظة لم نسمع منها الا ترديد كلمة "سوف". ونتلهّف لسماع كلمة حقّقنا.

توجد عقبتان: اولهما ان إجراء البحوث يحتاج اموالا طائلة لا تستطيع المملكة ان تتحملها وحدها وهذا يتطلب توحيد وتعاون دول مجلس التعاون بنسبة ايرادات البترول لتحقيق مصالحهم المشتركة.

وثانيهما ارتفاع تكاليف انتاج الطاقة الشمسية ولقد سبقتنا الدول الاخرى في خفض تكاليف الانتاج فوفقا لتقرير تفضّل بارساله اليّ المهندس عثمان الخويطر فقد تمكّنت الصين خفض انتاج الوحدة من 1.29 دولار عام 2009 الى 0.48 دولار عام 2013 ومتوقع تخفيضها اكثر.

بينما نحن لازلنا نحلم اننا سنصدر الطاقة الشمسية للصين كما كنا نصدر لها البترول.

اختم بالتذكير فلعلّ "الذكرى تنفع المؤمنين": رغم ان جميع مصادر الطاقة بديلة للبترول كوقود لكنها ليست بديلة للبترول في منافعه الجمّة التي خلقها الله للناس.

الاندماج النووي (لا زال قيد البحث والتجارب والتطوير الآن) وسيكون موضوع السبت القادم – إن شاء الله – بعنوان: الاندماج النووي (من النظرية إلى التطبيق).

نقلا عن جريدة الرياض