إنتاج منيفة لا يزيد الطاقة الإنتاجية لبترول أرامكو

11/05/2013 6
د. أنور أبو العلا

أحياناً يجد الكاتب نفسه في حيرة هل يقدم على كتابة موضوع معيّن يقض مضجعه يفرضة عليه واجب الاخلاص للوطن.أو يهجر الموضوع رغم إضراره بالوطن خشية أن يساء تفسيره على أنه انتقاد لكتّاب آخرين (لا سيما إذا كانوا يطلقون على أنفسهم متخصصين) فقد يجرح مشاعرهم.

منذ إعلان أرامكو عن قرب بدء إنتاج حقل منيفة وبأنه سيبلغ 900 ألف برميل في اليوم بنهاية عام 2014 بدأ عدد من المحلّلين لدينا بتصريحاتهم مهلّلين ومكبّرين أن الطاقة الإنتاجية لبترول المملكة ستقفز من 12.5 مليون برميل إلى 13.4 مليون برميل في اليوم.

ثم يذهب البعض منهم بعيداً فيقولون ان المملكة ستمضي قدماً في توسيع طاقتها الإنتاجية إلى 15 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020.

بينما في الواقع أن حقل منيفة لا يضيف جديداً، لا إلى احتياطي بترول المملكة البالغ 259.7 مليار برميل (وفقاً لموقع أرامكو) ولا إلى الطاقة الإنتاجية الحالية البالغة 12.5 مليون برميل في اليوم (كما وضّحت أنا في مقال سابق بعنوان: "حقل منيفة يؤكد ذروة إنتاج البترول الرخيص" المنشور في هذه الزاوية بتاريخ 10 نوفمير 2012).

لقد سبق أن صرح المهندس خالد الفالح (رئيس أرامكو) لصحيفة الفاينانشال تايمز وتناقلته وكالات الأنباء من ضمنها وكالة رويترز بتاريخ 12 نوفمبر 2009 بأن إنتاج حقل منيفة لا يضيف إلى الطاقة الإنتاجية وإنما فقط لتعويض انخفاض إنتاج بعض الحقول الأخرى.

صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل وهو أحد المفوّهين النابغين الذين يعكسون صورة مشرّفة لشباب المملكة للخارج اعتاد في سلسلة محاضراته القيمة التي درج أن يلقيها بين الحين والحين في المحافل الدولية ليعبّر عن رأيه الشخصي.

لكن كما يقال لابد أن لكل حصان أصيل كبوة فقد صرح سموه مؤخراً في محاضرة ألقاها بجامعة هارفرد بتاريخ 25 /4/ 2013 (قبل أسبوعين) أن المملكة سترفع طاقتها الإنتاجية إلى 15 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020.

ثم مؤخراً أكّد معالي المهندس على النعيمي في محاضرة ألقاها في مركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن بتاريخ 30 /4/2013 (بعد خمسة أيام من تصريح سموه) بأن المملكة لا تنوي زيادة طاقتها الإنتاجية الحالية وأنها ستبقى كما هي الآن 12.5 مليون برميل في اليوم. هذا التصريح وصفته بعض وسائل الإعلام بأنه انشقاق Rift في الرأي.

في اعتقادي أنه لا يوجد علاقة بين التصريحين بل هو من باب الاستقلال في الرأي فتصريح سموه يعبر عن وجهة نظره الشخصية التي ربما استقاها من بعض السيناريوهات والتصريحات القديمة لبعض المسؤولين في أرامكو.

بينما تصريح معاليه جاء وليد الصدفة للإجابة على تساؤل الحضور وهو تصريح المسؤول (الأعرف) بأوضاع أسواق البترول العالمية وسياسة المملكة الإنتاجية.

قبل أن اختم أريد – كمتخصّص – أن أوضّح بأن الذي يحقق استقرار اسواق البترول ليس هو حجم الطاقة الإنتاجية المطلقة بل الذي يحقّق استقرارها هو مقدار الطاقة الفائضة. فوجود طاقة إنتاجية مقدارها عشرة ملايين برميل فقط مع وجود طاقة فائضة مقدارها ثلاثة ملايين برميل تحقق الاستقرار أكثر من وجود طاقة إنتاجية مقدارها خمسة عشر مليون برميل مع وجود طاقة فائضة مقدارها مليون برميل.

موضوع زاوية السبت القادم – إن شاء الله – بعنوان: الاندماج النووي والطاقة الشمسية (أيهما بترول المستقبل).